زيارة رئيس الوزراء الماليزي إلى قطر
حصاد استثمارات طال انتظارها
استعدادًا لفتح حدودها الدولية مجددًا بعد إغلاق دام لأكثر من عامين، اتجهت ماليزيا بقوة نحو الشرق الأوسط وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، ليقوم رئيس الوزراء إسماعيل صبري يعقوب بزيارة رسمية إلى الدوحة، في الفترة من 27 إلى 29 مارس، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي بين ماليزيا وقطر. ماليزيا تملك هدفًا واضحًا ألا وهو طلب المساعدة الخليجية في إسراع عجلة التعافي الاقتصادي لبوتراجايا التي عانت الأمرين خلال العامين الماضيين نتيجة الإغلاق الذي سببه فيروس كورونا، كما تنظر إلى الشرق الأوسط كسوق جديد بديل للسوق الأوروبي والأمريكي الذي يضيق الخناق على المنتجات الزراعية الماليزية وخاصة زيت النخيل والمطاط على خلفية خلافات متعلقة بالاستدامة والعمل القسري.
الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام، هي الأولى لصبري بعد أن أدى اليمين الدستورية كرئيس وزراء ماليزيا التاسع في 21 أغسطس من العام الماضي. وتوجت في يومها الثالث بحفل استقبال رسمي لرئيس الوزراء في الديوان الأميري القطري، حيث استقبله أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. كما أقيمت مأدبة غداء على شرف رئيس الوزراء الماليزي. الوفد الماليزي ضم وزير الخارجية سيف الدين عبدالله، ووزير أول التجارة والصناعة الدولية محمد عزمين علي، ووزير التنمية الريفية محذر خالد ونائب وزير العمل آرثر جوزيف كوروب.
عولت ماليزيا على هذه الزيارة كثيرًا في جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويبدو أنها حققت ما تصبو إليه حيث تعهدت شركة أجريكو الزراعية القطرية باستثمار 360 مليون دولار أمريكي في ماليزيا، وهي شركة قام صبري بزيارة إلى مزرعتها المتخصصة في الخضروات العضوية والفطر والجمبري في الخور.
أما مذكرة التعاون بين شركة ألبان بلدنا القطرية وشركة فلكرا المملوكة لوزارة المالية الماليزية، التي تم توقيعها في عام 2019 في عهد الحكومة قبل السابقة التي ترأسها مهاتير محمد، فقد شهدت خطوات إيجابية وفقًا لوزير التجارة الدولية عزمين علي، من خلال تطوير مشروع ألبان “ضخم” في ولاية برليس الماليزية. كما قام صبري والوفد المصاحب بزيارة مزارع ألبان بلدنا خلال زيارته لقطر.
كما تحاول بوتراجايا تعظيم الاستفادة من الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة التي دخلت حيز التنفيذ في ماليزيا مؤخرًا، عبر تشجيع الشركات القطرية على عقد شراكات مع نظيراتها الماليزية لتكون جزءًا من المشهد الاقتصادي الإقليمي الجديد والاندماج في أكبر اتفاقية للتجارة الحرة في العالم.
لكن أبرز ما ركز عليه صبري في ختام زيارته، هو اتفاق ماليزيا وقطر على الاعتراف المتبادل بشهادات التطعيم ضد فيروس كوفيد-19 كجزء من جهود التعافي المشترك من الوباء، مع دمج تطبيقي مايسيجاتيرا الماليزي واحتراز القطري الخاصين بتتبع حالة التحصين والإصابة. الاتفاق جاء خلال اجتماعه مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ويعتبرها صبري مهمة مع عودة السياحة الماليزية بداية من أبريل.
وكان عدة مسؤولون من ماليزيا قد نزلوا بالدوحة خلال الأشهر الماضية، وكان آخرهم مبعوث رئيس الوزراء إلى الشرق الأوسط عبد الهادي أوانج الشهر الماضي، والذي أثار غضبًا ماليزيًا واسعًا بعد لقائه بقادة طالبان المتواجدين في قطر.
العلاقات الماليزية القطرية لم تتأثر بتغير حكومات بوتراجايا على مدار الخمس سنوات الماضية، فظل التواصل الدبلوماسي والزيارات الرسمية مستمرة. بدأت العلاقات الدبلوماسية قبل 48 عامًا منذ 1974، وتم إنشاء سفارة ماليزيا في الدوحة عام 2004، وقرر البلدان إنشاء لجنة التجارة الماليزية القطرية المشتركة في 2018، وتلاها تشكيل اللجنة المشتركة بين ماليزيا وقطر رفيعة المستوى في 2019.
تتجاوز قيمة استثمارات قطر في ماليزيا حاليًا 3.2 مليار دولار، وهي وجهة استثمارية رئيسية لقطر في جنوب شرق آسيا لا سيما في قطاعي العقارات والخدمات.