ديسمبر 22, 2024
تقارير

ملك ماليزيا السابع عشر 

عين السلطان إبراهيم بن السلطان إسكندر حاكم ولاية جوهور الجنوبية ملكا لماليزيا، خلفًا للملك السادس عشر السلطان عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله شاه سلطان ولاية باهانج الذي أكمل حكمه الذي استمر لخمس سنوات. وتم اختيار السلطان إبراهيم من قبل سلاطين الولايات التسعة في الاجتماع الخاص لمؤتمر الحكام في القصر الوطني نهاية أكتوبر الماضي، لمدة خمس سنوات تبدأ من 31 يناير 2024. كما انتخب حكام الملايو سلطان ولاية بيراك ناظرين شاه نائبًا لملك البلاد لنفس الفترة.

التناوب الملكي ا 

قرار اختيار السلطان إبراهيم ضمن نظام التناوب القائم به في ماليزيا، حيث تتناوب الأسر المالكة التسع في البلاد على شغل هذا المنصب، وهو نظام تم اعتماده عام 1957 بعدما حصلت ماليزيا على استقلالها عن بريطانيا.

النظام الملكي في ماليزيا يتشابه في بعض النقاط مع النظام البريطاني، حيث يتولى الملك دورًا شرفيًا كرئيس للدولة، بينما تُحكم البلاد من خلال ديمقراطية برلمانية. يشرف الملك على التعيينات السياسية والقضائية الرئيسية، ويشغل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة الماليزية. وبموجب الدستور، يتم تغيير الملك المسمى (يانغ دي بيرتوان أجونج) أو “سلطان السلاطين” كل خمس سنوات. ولا ينتقل الحكم عن طريق الدم عند وفاة الملك أو تنازله عن العرش، بل ينتقل إلى التالي في ترتيب مؤسسي مكون من تسع عائلات ملكية تتقاسم العرش، وهم حكام تسع ولايات من ولايات البلاد الـ13. وعلى الرغم من أن التالي في ترتيب التنصيب معروف، إلا أن الملك الجديد يحتاج إلى موافقة أغلبية حكام الملايو عبر الاقتراع السري. وإذا فشل الاسم الأول في الحصول على خمسة أصوات على الأقل، أو إذا كان السلطان لا يريد أن يصبح ملكًا، فسيتم تكرار العملية مع الاسم التالي في القائمة حتى يتم اختيار حاكم البلاد الجديد.

الولايات التسع الملكية هي نيجري سمبيلان، سيلانجور، بيرليس، ترينجانو، قدح، كيلانتان، باهانج، جوهور وبيراك. بينما لا يوجد دور لحكام ولايات ملاكا وبينانج وصباح وساراواك -وهي ولايات لا يوجد بها أسر ملكية- في اختيار الملك. 

أول ملك ماليزي كان سلطان ولاية نيجري سمبيلان توانكو عبد الرحمن بن المرحوم توانكو محمد. فيما اعتلى الملك السادس عشر المنتهية ولايته السلطان عبدالله العرش في عام 2019 عن عمر يناهز 59 عامًا، بعد أن تنازل سلفه السلطان محمد الخامس سلطان ولاية كيلانتان عن العرش بعد عامين من توليه هذا المنصب. 

الملكية تمثل هوية الكثير من عرق الملايو الأغلبية في ماليزيا، نظرًا لكون السلاطين حراسًا للإسلام في ولاياتهم، في حين أن الملك يعتبر حامي دين الدولة والولايات التي ليس لها أسر ملكية. 

من هو السلطان إبراهيم؟

السلطان إبراهيم بن المرحوم السلطان اسكندر، حاكم ولاية جوهور الماليزية منذ عام 2010، ويبلغ من العمر 64 عامًا، زوجته راجا زاريث صوفية بنت المرحوم سلطان إدريس شاه، ولديه ستة أبناء. درس في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية الأمريكية. يعود تاريخ عائلة جوهور الملكية إلى أوائل القرن السادس عشر ولديها جيشها الخاص. ولاية جوهور يبلغ عدد سكانها 3.5 مليون نسمة، وتُعَد أحد أكثر الولايات الماليزية ازدهارًا ويفصلها عن سنغافورة مضيق صغير.

وكان والده ملك ماليزيا الثامن، وتولى العرش بين عامي 1984 و1989، وقد تولى قيادة الولاية من عام 1981 حتى وفاته عام 2010. السلطان إبراهيم من أصل ماليزي بريطاني، والدته هي جوزفين روبي تريفورو، التي التقى بها السلطان اسكندر أثناء دراسته في بريطانيا، وأنجبا أربعة أطفال، من بينهم السلطان إبراهيم.

عرف عن ملك ماليزيا الجديد شغفه بالرياضة وريادة الأعمال، حيث تدرب على قيادة الطائرات وممارسة التنس والبولو كما يملك العديد من الأنشطة التجارية، وفقًا لموقع قصر جوهور وتقارير محلية. لكن الجدل يحوم حول مصير أحد شراكاته مع شركة التطوير العقاري الصينية المتعثرة “كونتري جاردن” في مشروع “فورست سيتي” بتكلفة تبلغ 100 مليار دولار. المشروع خرج للنور عام 2006، كمدينة ذكية تمتد على أربع جزر قبالة ولاية جوهور، لكن الصعوبات المالية التي تواجه الشركة الصينية أدت إلى تعليق المشروع، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان المشروع سيكتمل أم لا.

على المستوى السياسي، دعم السلطان إبراهيم مكافحة الفساد وتعزيز الوحدة العرقية، ومعروف عنه صراحته وهجومه على السياسيين المتورطين في قضايا الفساد والبرلمانيين الذين تسببوا في عدم الاستقرار السياسي في ماليزيا مؤخرًا، وأعرب صراحة عن رأيه بشأن علاقات ماليزيا مع الصين، التي وصفها بأنها “حليف جيد وموثوق”، في تصريحات سابقة لصحف ماليزية وسنغافورية. 

السلطان إبراهيم موصوف بالإعتدال، فمن أبرز مواقفه عام 2017، أنه أمر مغسلة رفعت لافتة “مخصصة للمسلمين فقط” بالاعتذار والتوقف عن التمييز ضد غير المسلمين أو مواجهة الإغلاق. كما اتخذ خطوات للحفاظ على التراث الثقافي لولاية جوهور عبر دعم الفنون التقليدية والمهرجانات والفعاليات الثقافية.

مواقف الملك الجديد

الملك الجديد كان له صدامات مع رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد الذي عارض بشدة تدخل عائلة جوهور الملكية في السياسة، وقاد حملة استمرت لسنوات للحد من سلطة حكام الملايو.

وكان للسلطان إبراهيم تصريحات مثيرة عام 2016 حين طالب بلاده بعدم تبني العادات والثقافة العربية، والتمسك بدلًا من ذلك بثقافة وتقاليد الملايو، حتى أنه طالب من يريد عكس ذلك بالعيش في المملكة العربية السعودية، وهي تصريحات نشرتها أغلب الصحف في حينها.

أكه الملك الجديد في خطاب سابق بأنه لن يكون “دمية” وتوعد المسؤولين الفاسدين بالملاحقة في بلد عانت من سمعتها السوداوية على خلفية فضيحة فساد عالمية أسقطت حكومة وأكبر أحزاب ماليزيا، وهي تصريحات تعكس اعتزامه التدخل في الشأن السياسي. كما أن لديه رؤية حول سلطته في التعيينات القضائية والتي يجب أن تظل بعيدة عن السلطة التنفيذية، وبالتالي أن تكون من اختصاصه حصرًا، إلى جانب خضوع الشركات الوطنية لإدارته مثل شركة الطاقة بتروناس. فيما تذكر تقارير أخرى، أن ملك ماليزيا الجديد لديه نسبته في كافة المشاريع على أراضي ولاية جوهور الحكومية منها والخاصة وكان آخرها المدينة الذكية العملاقة بالتعاون مع شركة كونتري جاردن الصينية، ومشروع القطار السريع بين كوالالمبور وسنغافورة المار عبر الولاية.

استشراف حقبة الملك الجديد

وفقًا للنظام الملكي الدستوري الفيدرالي، يلعب حاكم ماليزيا دورًا شرفيًا إلى حد كبير ويملك صلاحيات محدودة، مع التوقيع على القوانين والتعيينات في المناصب الحكومية رفيعة المستوى. وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة الماليزية، ولديه سلطة منح العفو عن المدانين.

ورغم أن التدخل في الشأن السياسي ليس سمة حكام ماليزيا السابقين، إلا أن السنوات القليلة الأخيرة فرضت على القصر الوطني التواجد بشكل مستمر في المشهد السياسي. وبالتالي فإنه مع استمرار حالة الاضطراب السياسي الحالية يمكننا توقع لعب النظام الملكي دورًا أكبر في المشهد العام للبلاد. ومع تمتع السلطان إبراهيم بعلاقات وثيقة مع أنور إبراهيم رئيس الوزراء الحالي، من المتوقع وجود حالة من التناغم بين الملك الجديد وبوتراجايا، لكن ليس تدخله “بشكل مفرط” في السياسة. 

Related posts

الإعلام الماليزي 2022

Sama Post

تقرير ماليزيا شهر مارس 2021

Sama Post

قمة الآسيان والولايات المتحدة

Sama Post

تقرير ماليزيا لشهر أغسطس 2021

Sama Post

محي الدين وزيارة الإمارات والمكاسب الانتخابية

Sama Post

تقرير ماليزيا شهر فبراير 2021

Sama Post