زيارة بعيدة عن الأنظار
قام نائب وزير الخارجية الماليزي قمر الدين جعفر بزيارة رسمية إلى كل من تركيا وقطر وإيران، بدأت في اليوم الأخير من شهر مارس واستمرت حتى 6 أبريل الجاري. الزيارة التي أعلنت عنها وزارة الخارجية (ويسما بوترا) في يومها الأول، لم تحظَ بتغطية إعلامية جيدة من الجانب الماليزي، واقتصرت على خبرين من وكالة الأنباء الوطنية “برناما” أولهما كان في مستهل الزيارة، والثاني كان حول تعزيز التعاون الثنائي بين كوالالمبور وطهران. وغرّد قمر الدين عن بعض تفاصيل زيارته بعد عودته إلى ماليزيا بنحو خمسة أيام.
اهتمام بالعلاقات
رأت وزارة الخارجية الماليزية أن الزيارة جاءت للتأكيد على الأهمية الكبرى التي توليها الحكومة لعلاقاتها وشراكاتها مع البلدان الثلاثة في منطقة الشرق الأوسط. وعلى رأس جدول الأعمال، كان النقاش حول تعزيز التعاون مع البلدان الثلاثة، خصوصًا فيما يتعلق بالتعافي الاقتصادي في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد-19، إلى جانب تبادل وجهات النظر بشأن بعض القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
توقيت الزيارة
من المُلاحظ أن الزيارة جاءت مباشرة بعد قيام رئيس الوزراء الماليزي محي الدين ياسين بزيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التقى خلالها قادة البلدين، كما سبقه إلى كلا البلدين وزير خارجيته هشام الدين حسين الذي أعلن منذ اليوم الأول له في منصبه أن إصلاح العلاقات مع الرياض وأبوظبي على رأس أولوياته. كانت الزيارة أيضًا بالتوازي مع قمة مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، والتي تضم ماليزيا وتركيا وإيران، وحضرها افتراضيًا رئيس الوزراء الماليزي محي الدين ياسين.
قادة تركيا وقطر وإيران، جاءوا إلى ماليزيا في ديسمبر 2019 لحضور فعاليات قمة كوالالمبور، التي ترأسها رئيس الوزراء آنذاك والمستقيل لاحقًا مهاتير محمد. وكانت القمة محلَ انتقاد واسع؛ ورأها الكثيرون محاولة لمنافسة السعودية وسحب البساط من منظمة التعاون الإسلامي.
تركيا
تركيا كانت المحطة الأولى لقمر الدين خلال زيارته إلى الشرق الأوسط، حيث التقى مع نظيره التركي، سادات أونال وناقشا العديد من الأمور الخاصة بالعلاقات الثنائية بين كوالالمبور وأنقرة بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية، وفقًا لتغريدات نائب وزير الخارجية الماليزي.
ورُفِع مستوى العلاقات بين البلدين إلى التعاون الاستراتيجي خلال زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى ماليزيا عام 2014، بمناسبة الذكرى الخمسين للعلاقات الدبلوماسية. كما أن التعاون العسكري في صناعة الدفاع يشهد نموًا ملحوظًا، في وقت تستهدف فيه أنقرة تعزيز صادراتها إلى ماليزيا لسد الفجوة الواسعة في الصادرات. ووُقِعت 14 اتفاقية حسن نية بين الشركات التركية والماليزية في ديسمبر 2019. كما عرضت شركة توساش التركية على رئيس الوزراء آنذاك مهاتير محمد التعاون مع ماليزيا في مشروع إنتاج طائرة حربية وطنية، لكن الأمر توقف مع سقوط حكومة تحالف الأمل.
قطر
خلال تواجده في قطر، التقى نائب وزير الخارجية الماليزي بوزير الدولة القطري للشؤون الخارجية سلطان بن سعد المريخي، حيثُ ناقشا القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، وفقًا لتغريدة قمر الدين. كما التقى بوزير الدولة ورئيس مجلس إدارة هيئة المناطق الحرة بقطر أحمد بن محمد السيد، وقام بزيارة مزرعة “بلدنا” للألبان في مدينة الخور.
علاوة عل ذلك اجتمع وزير أول الشؤون الأمنية ووزير الدفاع الماليزي، داتو سري إسماعيل صبري، هو الآخر اليوم مع سفير دولة قطر فهد بن محمد كافود. وقال إسماعيل في تغريدة إنه ناقش مع السفير دبلوماسية الدفاع بين البلدين.
إيران
كانت طهران هي المحطة الأخيرة في رحلة نائب وزير الخارجية الماليزي، واستمرت زيارته يوم واحد، حيث التقى نائب وزير الخارجية الإيراني للدبلوماسية الاقتصادية، رسول مهاجر. وأكد الجانب الإيراني خلال الزيارة استعداده لتوسيع العلاقات الثنائية والتعاون مع ماليزيا في مختلف المجالات، بناءً على السجل الطويل والتاريخي للعلاقات الثنائية بين البلدين. وطلبت طهران من الحكومة الماليزية العمل على تسهيل العمليات التجارية بين القطاعين العام والخاص في البلدين وضرورة حل المشاكل التجار الإيرانيين المتواجدين في ماليزيا، خاصة ما يتعلق بالشؤون المصرفية والمالية والمشاكل القنصلية.
تجدر الإشارة إلى أن ماليزيا قامت بإغلاق حسابات أفراد وشركات إيرانية في أكتوبر عام 2019، تنفيذًا للعقوبات الأمريكية المفروضة على مواطني إيران. وقد صرح رئيس الوزراء الماليزي حينها، مهاتير محمد، بأن بلاده مُجبرة على اتخاذ مثل تلك القرارات بسبب تعرضها لضغوط قوية للغاية من أطراف معينة لم يسمها.
من جانبه، غرد قمر الدين بعد الزيارة بنحو خمسة أيام قائلًا إنه ناقش قضايا العلاقات الثنائية والاقتصاد والتجارة والعلاقات الإقليمية والدولية مع نظيره الإيراني. كما التقى نائب وزير الصحة الإيراني وتبادل معه وجهات النظر حول وضع وباء كوفيد-19، واطلع الوفد الماليزي على جهود تطوير لقاح إيراني. وناقش قمر الدين بعض القضايا الاقتصادية والتجارية مع نائب وزير الصناعة والتعدين والتجارة الإيراني.