اسماعيل صبري يعقوب
رئيس وزراء ماليزيا التاسع
صادق ملك ماليزيا مساء اليوم الجمعة العشرين من أغسطس على تعيين اسماعيل صبري يعقوب في منصب رئيس وزراء ماليزيا التاسع، مع إجراء مراسم التنصيب غدا السبت، وذلك بعد أيام قليلة من استقالة محي الدين ياسين من ذات المنصب. تكليف إسماعيل صبري نائب رئيس وزراء حكومة التحالف الوطني المستقيلة مؤخرا، هو أيضا نائب رئيس حزب أومنو منح أومنو فرصة ذهبية لتصدر المشهد السياسي الماليزي مجدد بعد أن حكم البلاد لأكثر من 60 عامًا قبل الإطاحة به في انتخابات 2018 بسبب اتهامات فساد طالت قياداته. حكومة صبري الجديدة هي الرابعة في ماليزيا خلال أقل من أربع سنوات، وهو أمر لم تشهده بوتراجايا من قبل.
جاء قرار القصر الوطني بالموافقة على صبري بعد تأكد ملك ماليزيا السلطان عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله من حصوله على أغلبية برلمانية، من خلال دعوة ال 114 نائباً الذين رشحو القائد الجديد ولقاء ملك ماليزيا في القصر الوطني للتأكد من أنهم لم يدعموا صبري تحت الإكراه، بعد أن طلب القصر من جميع النواب البالغ عددهم 220 قبل أيام إرسال خطابات شخصية رسمية لتحديد مرشحهم لرئاسة الوزراء.
ومع حصول صبري على الأغلبية بين نواب البرلمان الماليزي لرئاسة وزراء ماليزيا بعد تحركاته الحثيثة لجمع الدعم اللازم لشغل المنصب بالتزامن مع اعتزام محي الدين ياسين تقديم استقالته من منصبه كرئيس الوزراء. و لم يكتف بالتركيز على دعم حزبه الذي اعترته انشقاقات داخلية ما بين مؤيد لمحي الدين ومعارض وحلفاءه داخل التحالف الوطني و الجبهة الوطنية، بل التقى رئيس حزب بيجوانغ المعارض ورئيس وزراء ماليزيا السابق الدكتور مهاتير محمد لطلب دعمه مما يؤكد مرونة سياسية وتعاملا سريعا مع المواقف على عكس سابقيه.
من هو اسماعيل صبري؟
إسماعيل صبري يعقوب، نائب رئيس الوزراء السابق ووزير أول الدفاع في حكومة محي الدين المستقيلة. كما يشغل صبري منصب نائب رئيس أومنو وأبرز الوجوه التي تصدرت مشهد التعامل مع جائحة كورونا منذ اليوم الأول، فقد كان الوزير الأول ورئيس المجموعة الأمنية منذ مارس من العام الماضي إلى أن ترقى لمنصب نائب رئيس الوزراء في الحكومة المقالة واعتادت وسائل الإعلام على ظهوره بشكل يومي لإعلان ما يتعلق بالإجراءات الاحترازية وما يتعلق بالوضع الوبائي في البلاد والقرارات الأمنية المستجدة.
اسماعيل صبري كان يعمل محاميا قبل دخوله معترك السياسة الذي عاشها ولا يزال لحوالي أربعة عقود، فيما شغل عدة مناصب وزارية في حكومات الجبهة الوطنية بقيادة أومنو. ورغم خبرته السياسية إلا أنه سقط في فخ تصريحات إنتخابية أثارت الجدل ووصفته بالعنصرية ضد الماليزيين من ذوي الأصول الصينية والانحياز لعرق للملايو دون مكونات المجتمع الماليزي الأخرى.
اختبار صعب
لن تستمر حكومة صبري الجديدة لأكثر من عامين على اقصى تقدير، في حالة إذا ما تمت الانتخابات العامة الخامسة عشر في موعدها منتصف عام 2023. وقد لا ينتهى المشهد السياسي الضبابي في ماليزيا بعد تعيين صبري لعدم تمتعه بأغلبية مريحة قد تكون محل جدل ونزاع برلماني مجددا وتكرارا لسيناريو حكومة محي الدين ياسين. علاوة على ذلك يعتبر إسماعيل صبري هو الرجل الثاني في حكومة تعرضت لانتقادات واسعة بسبب سوء تعاملها مع تفشي وباء كوفيد-19 الذي يشهد حالة مزرية وإصابات قياسية يومية. وهو ما يجعل مهمة صبري الجديدة في مواجهة تحديات صعبة وملفات شائكة، سيكون أولها مواجهة تصويت الثقة ثم تمرير الميزانية الجديدة ويلزمهما تصويت الأغلبية داخل البرلمان.
سيترجم صبري خبرته السياسية الطويلة لإضفاء الاستقرار ولو نسبيا على بلد شهدت اضطرابات سياسية قوية في ظل وباء عالمي مزق اقتصاد ماليزيا. وفي ظل خلافات حزبية داخلية غير معلنة مع رئيس حزب أومنو زاهد حميدي ظهر صداها مع سحب الثقة من محي الدين ياسين ووجود أطراف معادية له داخل الحزب باعتباره خان الحزب لاقتناص المنصب، من المتوقع أن يعمل صبري على توازنات حزبية داخلية للحفاظ على دعم نواب حزبه وتوازنات بين أحزاب التحالف الحاكم لضمان استمرار الدعم المشروط الذي أعلنه رئيس الوزراء السابق محي الدين ياسين والمرتبط بعدم ضم أي من السياسيين المتورطين في قضايا فساد.
ومع استمرار وباء كورونا المستجد الذي أودى بحياة أكثر من 13 ألف وأصاب أكثر من 1.5 مليون، سيكون على رأس أولويات الحكومة الجديدة إيجاد سياسات مختلفة عن تلك التي استخدمتها الحكومة السابقة لتجنب تصاعد الغضب الشعبي في ظل المعاناة التي سببتها عمليات الإغلاق المتكررة.
كما ينتظر صبري أيضا ملفات شائكة أخرى منها ملف التعامل العرقيات الأخرى غير الملايو، وعلى رأسهم الصينيين، وهو أمر يثير قلق بعض الماليزيين. أما عن ملف حقوق الإنسان، فقد كان صبري محل انتقادات لاذعة من منظمات حقوقية بعد إشرافه على سجن وترحيل آلاف المهاجرين واللاجئين غير الشرعيين في جهود وصفت حينها بأنها ضمن جهود مكافحة الوباء.
وبناء على ذلك، سوف يكون جل تركيز الحكومة الجديدة متجها إلى الداخل بهدف مكافحة وباء كوفيد-19 ومعالجة آثاره الاقتصادية عبر البحث عن مصادر جديدة للاستثمارات الأجنبية ودعم الدول الصديقة، لضمان استقرار الوضع في ماليزيا واستمرار حزب أومنو في الحكم بعد الانتخابات العامة القادمة.
ماليزيا والعلاقات الخارجية
سعت حكومة التحالف الوطني إصلاح العلاقات الخارجية التي تضررت خلال فترة حكم تحالف الأمل بزعامة مهاتير محمد، وخاصة العلاقات الثنائية مع المملكة العربية السعودية. فتصريحات وزير الخارجية الماليزي السابق الذي ينتمي لنفس حزب رئيس الوزراء الجديد رافضا نهج تحالف الأمل المتصادم مع دول عديدة وأهمها السعودية وعزمه على العمل عن قرب مع الرياض لرأب الصدع الذي أحدثته حكومة مهاتير. كما أن تلبية الدعوة الرسمية الرفيعة المستوى إلى الرياض من لدن رئيس الوزراء السابق محي الدين ياسين مطلع هذا العام كانت دلالة قوية على سعى ماليزيا لإصلاح ما أفسدته حكومة مهاتير .
فيما يقرأ وصول إسماعيل صبري إلى سدة الحكم استمرارا لنهج حزب أومنو المتقارب مع السعودية ونمو العلاقات ورفع مستوى أطر التعاون بين البلدين التي شهدت قوة وصداقة عالية خلال ستة عقود و استكمالا لنهج رئيسه السابق محي الدين ياسين.
كما أنه من المتوقع أن تستمر ماليزيا في السياسة الخارجية المحايدة التي اعتادت عليها وكما أعاد رسمها وزير الخارجية السابق هشام الدين حسين عبر توثيق العلاقات مع الدول الصديقة وعلى رأسها السعودية والإمارات.