يوليو 8, 2024
تقارير

زيارة رئيس الوزراء الماليزي إلى السعودية 

 

الموجز

استغرقت زيارة رئيس الوزراء الماليزي تان سري محي الدين ياسين الرسمية إلى المملكة العربية السعودية أربعة أيام، وكانت بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. وهي الزيارة الثانية لمحي الدين إلى الخارج والأولى إلى الشرق الأوسط بعد عام من توليه السلطة خلفًا لمهاتير محمد الذي قاد حكومة تحالف الأمل لمدة لم تتجاوز العامين. فيما أوضحت  حكومة التحالف الوطني الحالية بأن الهدف الرئيسي من الزيارة هو إصلاح العلاقات والانتقال بالتعاون بين الرياض وكوالالمبور إلى مستويات أعلى. 

 

الزيارة بين الإعلام الماليزي والسعودي 

اهتمت وسائل الإعلام الماليزية بالزيارة حتى قبل بدايتها بأكثر من شهر، فكانت تصريحات رئيس الوزراء والمسؤولين الخاصة بزيارة السعودية ترصد أولًا بأول مع عقد لقاءات مع الوزراء حول أهداف الزيارة ونتائجها المتوقعة. ومع بداية الزيارة اهتمت الصحف الماليزية بتغطية كافة تحركات محي الدين ياسين داخل المملكة بداية من وصوله إلى مكة المكرمة لأداء العمرة ودخوله مرورًا بزيارة المسجد النبوي والفعاليات التي صاحبتها وانتهاءًا بلقاء ولي العهد السعودي له في الرياض، في حين أن الصحف السعودية بدأت الكتابة عن الزيارة ليلة وصول رئيس الوزراء إلى مكة المكرمة. وبدا واضحًا نشاط المسؤولين الماليزيين في التصريح حول أهمية العلاقات الثنائية بين ماليزيا والسعودية، وكذلك التفاعل من قبل وزراء ماليزيين مع وسائل الإعلام السعودي مع بداية الزيارة. فقد عقد لقاء لوزير الشؤون الإسلامية الماليزي الدكتور ذوالكفل محمد البكري في مقابلة تلفزيونية مع قناة الإخبارية السعودية، مشيدًا هو الآخر بالعمق التاريخي للعلاقات بين ماليزيا والسعودية، معربًا عن امتنانه وتقديره لكافة الجهود والمساهمات التي تبذلها الحكومة السعودية تجاه الإسلام والمسلمين.

 

وكان معظم الحديث في الصحف الماليزية بالتركيز على الهدف الأساسي للزيارة وهو تحديد حصة ماليزيا من الحج والعمرة لكن الأمر قد امتد خلال الزيارة حيث تركزت الأهداف على التعاون في مجال التكنولوجيا والطاقة بجانب إصلاح العلاقات. 

كما تباينت المسميات فركز الإعلام الماليزي قبل الزيارة على وضع اللمسات الأخيرة بشأن إنشاء لجنة استراتيجية رفيعة المستوى بين البلدين يرأسها وزراء الخارجية، لكن الإعلام السعودي رصد تصريح وزير الخارجية خلال الزيارة حول إقتراح ماليزي لتأسيس مجلس تنسيقي مع السعودية لتحقيق مستوى أعلى من التفاهم.

 

ومع انتهاء الزيارة، انصب تركيز الصحف الماليزية على نبأ زيادة حصة الحج للماليزيين باعتباره الإنجاز الأكبر للزيارة بينما تحدثت الصحف السعودية عن توقيع ثلاث اتفاقيات.

 

تحرك دبلوماسي مبكر 

شهد الشهر الماضي نشاطًا مكثفًا في تبادل الزيارات  واللقاءات الافتراضية بين المسؤولين من كلا البلدين، استعدادًا لزيارة رئيس الوزراء. فقام وزير الخارجية الماليزي هشام الدين حسين بزيارة إلى الرياض منتصف فبراير الماضي، حيث التقى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله. وصرح الوزير الماليزي حينها بأن تلك اللقاءات ناقشت ملفات هامة شملت الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات الثنائية واستكشاف فرص التعاون الجديدة في التجارة والاستثمار والشؤون الإسلامية.

 

كما أعلنت وزارة الخارجية أن الحكومتين تعملان على تعزيز التعاون فيما يتعلق بالحج والعمرة من خلال إضفاء الطابع الرسمي على “مبادرة طريق مكة” التجريبية. وهي مبادرة كانت ماليزيا أحد خمس دول انضمت إليها في عام 2017، وتعمل على تسهيل عملية التخليص المسبق للحجاج الماليزيين والمعتمرين، مثل ترتيبات المطار وفحص التأشيرات وجوازات السفر والإجراءات الجمركية والترتيبات اللوجستية الأخرى.

 

وأشاد وزير الخارجية الماليزي بقرار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان استقبال رئيس الوزراء شخصيًا في مطار الملك خالد الدولي، وهو ما لم يكن ضمن البرنامج الأصلي، في إشارة واضحة على عودة العلاقات إلى قوتها، معتبرًا الزيارة تتويجًا لجهوده وجهود حكومته في رأب الصدع وإصلاح العلاقات التي تضررت خلال عشرين شهرًا هي عمر حكومة تحالف الأمل بقيادة مهاتير محمد. 

 

ثمار الزيارة

خلال اليوم الرابع والأخير من الزيارة، التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع السعودي، مع رئيس وزراء ماليزيا محي الدين ياسين. وعقب اللقاء أعلن رئيس الوزراء الماليزي أن السعودية وافقت على زيادة حصة الحج لشعب ماليزيا بمقدار 10 آلاف فرد، وهو ما اعتبره نجاحًا منقطع النظير وأبرز نتائج الزيارة.

 

كما شهد القادة توقيع 3 اتفاقيات مشتركة بين البلدين وقع عليها الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودي ونظيره الماليزي هشام الدين بن حسين. كانت الاتفاقية الأولى عبارة عن محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي الماليزي بهدف الوصول بالتفاهم بين البلدين إلى مستوى أعلى، والثانية اتفاقية خاصة باستقبال الحجاج والمعتمرين لتسهيل وتبسيط عملية التخليص المسبق لحجاج ماليزيا وهو ما يجعل ماليزيا أول مشارك رسمي في مبادرة طريق مكة بعد نسختها التجريبية، والثالثة مذكرة تفاهم في مجال الشؤون الإسلامية. كما ناقش الزعيمان احتمال زيادة واردات السعودية من زيت النخيل إلى 500 ألف طن في المستقبل القريب بدلًا من 318 ألف العام الماضي.

 

كان وزير خارجية ماليزيا قد صرح لوكالة الأنباء السعودية بأن الزيارة هي بمثابة دعم لرؤية المملكة 2030، التي يعتبرها شاملة وذات قدرات فريدة عبر برامجها وأهدافها الإستراتيجية الهادفة إلى تعزيز الاقتصاد السعودي. 

 

التعاون في أرقام 

يوجد نحو 20 مذكرة تفاهم وعقود خدمات موقعة بين الجامعات السعودية ونظيراتها الماليزية، كما تقدم وزارة التعليم السعودية 300 منحة دراسية سنويًا للطلبة الماليزيين للدراسة في الجامعات السعودية. 

 

وعلى صعيد التعاون الاقتصادي، بلغ التبادل التجاري بين البلدين 67 مليار ريال خلال السنوات الخمس الأخيرة، وتحتل السعودية المرتبة الـ 13  ضمن الدول المصدرة إلى ماليزيا. ويوجد لماليزيا مشاريع استثمارية مباشرة داخل المملكة بلغ إجمالي رؤوس الأموال المستثمرة فيها أكثر من 1.7 مليار ريال، كما تستثمر السعودية نحو 1.4 مليار ريال في 44 مشروعًا في ماليزيا.

 

ومن بين المشروعات المشتركة بين البلدين، مشروعين تحت الإنشاء في ولاية جوهور، تتجاوز قيمتهما 64 مليار ريال سعودي، أحدهما في مجال تكرير النفط، والآخر في مجال تصنيع البتروكيماويات، وهما نتيجة شراكة بين أرامكو السعودية وشركة بتروناس الماليزية بالمناصفة والتي تم توقيعها خلال زيارة الملك سلمان إلى ماليزيا عام 2017.

 

انتقادات للزيارة

واجهت حكومة التحالف الوطني ورئيس وزرائها محي الدين ياسين، انتقادات عدة بسبب زيارته الرسمية إلى الرياض، وأصدر وزير الدفاع السابق محمد سابو ونائبه ليو تشين تونغ بيانًا يحذران فيه محي الدين من “التورط مرة أخرة” في حرب اليمن، مؤكدان على مبدأ الحياد الماليزي. 

 

ومن جانب آخر، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي في ماليزيا غضبًا واسعًا من أداء رئيس الوزراء للعمرة باعتباره استغلالًا لمنصبه، في وقت يُحرَم فيه الماليزيين من الوصول إلى الأراضي المقدسة بسبب جائحة كورونا. وكان رد محي الدين بأن العمرة مسؤولية وليست امتيازًا شخصيًا في وقت يبذل قصارى جهده لتمكين مسلمي ماليزيا من زيارة مكة مرة أخرى. ويذكر أن محي الدين هو أول رئيس حكومة أجنبية يُسمح له بدخول الكعبة المشرفة بعد إغلاقها لأكثر من عام بسبب تفشي كوفيد-19.

 

وانتقد البعض فكرة إجراء لقاء افتراضي مع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود رغم تواجد محي الدين داخل المملكة، معتبرين الزيارة مضيعة للأموال العامة.

 

كما كانت هناك انتقادات بشأن سفر محي الدين قبل تلقيه الجرعة الثانية من لقاح فيروس كورونا، فجاء توضيح الحكومة بأن المسؤولين سوف يخضعون للحجر الصحي فور وصولهم إلى ماليزيا.

 

وفي نفس الوقت، جاءت أصوات أخرى مؤيدة للزيارة معتبرة أنه من غير الصحيح تسييس الزيارة الرسمية إلى السعودية، التي تأتي بهدف دفع العلاقات الثنائية بين كوالالمبور والمملكة إلى آفاق جديدة.

 

ومع انتهاء الزيارة، عاد محي الدين للرد على منتقديه بالقول أن المهم هو نتائج الزيارة وما يفيد شعب ماليزيا. 

 

مشاركات إعلامية ضئيلة 

 

رغم وجود مشاركات متعددة ومواد إعلامية بثت بالعربية وفي القنوات والصحف السعودية وتصريحات حصرية لمسؤولين ماليزيين لجهات إعلامية سعودية، فلا تزال المشاركة الإعلامية في الإعلام الماليزي تفتقر إلى تواجد إعلامي من قبل المحللين والإعلاميين والمسؤولين السعوديين لمناقشة أهداف الزيارة وأهميتها للبلدين وما تمخض عن الزيارة. 

 

Related posts

تقرير ماليزيا لشهر يوليو 2022

Sama Post

ردود الأفعال على المسئ الماليزي

Sama Post

زيارة الأمير فيصل بن فرحان إلى ماليزيا

Sama Post

تقرير  يناير 2022

Sama Post

ردود الفعل الماليزية على المساعدات السعودية

Sama Post

شيخ الأزهر الشريف في زيارة خاصة إلى ماليزيا

Sama Post