قمة كوالالمبور المصغرة
في الصحف الباكستانية
بدأت الصحف الباكستانية حرب الكلمات مبكرا فيما يخص قمة كوالا لمبور الإسلامية المصغرة التي عقدت في ماليزيا مؤخرا. وكان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان أحد ثلاثة خططوا للقمة، خلال لقاء جمعه بنظيره الماليزي مهاتير محمد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر الماضي. إلا أنه انسحب من حضور القمة في اللحظات الأخيرة، وتبنت وقتها الصحف الباكستانية رواية تقول أن الغياب المفاجيء جاء بعد تعرض خان لضغوط سعودية لثنيه عن حضور القمة التي جمعت تركيا وقطر وإيران على طاولة واحدة.
بديل الرئيس
عشية انعقاد القمة الإسلامية المصغرة في كوالالمبور، قالت وسائل إعلامية باكستانية، إن رئيس الوزراء “عمران خان” اعتذر عن حضوره القمة الخماسية التي استضافها رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد. وأوردت الصحف المحلية أن باكستان ستكون ممثلة بوزير خارجيتها، محمود قريشي. جاء هذا التطور بعد جولة زيارة قام بها خان إلى الرياض حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. في ظل أنباء عن توتر العلاقات بين الرياض وإسلام أباد بسبب قمة كوالالمبور. قالت كذلك بعض الصحف الباكستانية إن الرياض ترى القمة المصغرة محاولة لتقسيم منظمة التعاون الإسلامي وتنحية الدور السعودي.
الأمر الذي نفاه رئيس القمة رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، سريعا وفي أكثر من مناسبة، حيث أكد أن القمة الخماسية التي صارت بعد ذلك ثلاثية نتيجة غياب إندونيسيا وباكستان، لم تكن أبدا محاولة من كوالالمبور لمنافسة منظمة التعاون أو تنحية أي دولة إسلامية.
كما أوردت صحيفة باكستان توداي ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) من اتصال هاتفي بين مهاتير والملك سلمان، وقول العاهل السعودي أنه ينبغي مناقشة قضايا العالم الإسلامي من خلال منظمة التعاون الإسلامي.
على النقيض، وبحسب صحيفة “داون” الباكستانية، أكد وزير الخارجية شاه محمود قريشي، أن إلغاء خان لزيارته إلى كوالالمبور جاء بسبب “تحفظات” من السعودية والإمارات بخصوص القمة. كما ذكرت وسائل إعلام محلية نقلا عن مصادر بوزارة الخارجية، أن خان أخبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بقراره عدم المشاركة في قمة ماليزيا، أثناء لقائه به على هامش مؤتمر اللاجئين العالمي، في جنيف.
وبحسب وكالة الأناضول، قال الصحفي الباكستاني البارز، عمر شيما، في تغريدة على تويتر”خبر فظيع.. زيارة عمران خان لماليزيا تُلغى بناء على أوامر محمد بن سلمان”، في إشارة منه لولي العهد السعودي. إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، محمد فيصل، برر الزيارة الأخيرة للرياض بأنها “تأتي ضمن التعاون الثنائي والتواصل المنتظم بين قيادة البلدين”.
أردوغان يتهم السعودية
أوردت صحيفة باكستان توداي ما قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن المملكة العربية السعودية هددت باكستان باتخاذ تدابير صارمة، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية على البلاد و ترحيل مواطنيها العاملين في المملكة، لثنيها من حضور قمة كوالالمبور. وكان الرئيس التركي قد أدلى بتصريحات بشأن عدم مشاركة باكستان في القمة في حوار مع الصحفيين في كوالالمبور. وزعم أردوغان أن السعودية هددت بسحب 6 مليارات دولار من البنك المركزي الباكستاني وحذرت من فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية في حال توجه عمران خان إلى ماليزي. وأشار أيضا إلى أن إندونيسيا عانت من مشاكل مماثلة.
السفارة السعودية ترد
في ظل التخبط حول السبب الحقيقي وراء قرار باكستان عدم المشاركة في القمة الإسلامية بكوالالمبور، أوردت موقع سماء الإخباري نفيا سعوديا رسميا بتهديد باكستان. وفي بيان صادر عن سفارتها في إسلام أباد، قالت المملكة العربية السعودية إن العلاقات بين المملكة وجمهورية باكستان تفوق لغة التهديد. وأضاف البيان أن العلاقات الأخوية بين البلدين طويلة الأمد واستراتيجية تقوم على الثقة والتفاهم والاحترام المتبادل وأن السعودية وقفت دائما مع باكستان في الأوقات الصعبة.
مسألة وقت
نشر حساب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية، عائشة فاروقي، على تويتر بيانا أوضحت فيه سبب غياب رئيس الوزراء عمران خان عن قمة كوالالمبور الإسلامية. وقالت فاروقي في ردها على أسئلة وسائل الإعلام في هذا الشأن إن “إسلام آباد لم تشارك في قمة كوالالمبور لأن الوقت والجهد ضروريان لمعالجة مخاوف الدول الإسلامية الكبرى فيما يتعلق بالانقسام المحتمل في الأمة”. وأشارت إلى أن باكستان ستعمل من أجل وحدة وتكاتف الأمة.
جزء من الحل
وفي محاولة لرأب الصدع، قال كبير المتحدثين باسم الحكومة فردوس عشيق عوان إن باكستان ترغب في أن تكون “جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة” عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين الدول الإسلامية. وأوضح أن رئيس الوزراء عمران خان ووزير الخارجية شاه محمود قريشي أبلغوا اللجنة الأساسية للحزب بقرار عدم حضور قمة كوالالمبور. وقال مساعدة رئيس الوزراء إن باكستان لها مصلحة استراتيجية في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بمنظمة التعاون الإسلامي، وفق ما أوردته صحيفة داون الباكستانية. وأضاف أن منظمة المؤتمر الإسلامي هي منبر ل٥٧ دولة إسلامية ووحدة الأمة هي حاجة الساعة.
دور الوسيط
ذكرت صحيفة نيوز ويك باكستان أن زيارة خان إلى المملكة العربية السعودية كانت تهدف إلى حل خلافات دول الخليج مع ماليزيا، وليس السعي للحصول على تصريح لحضور القمة. وأكد وزير الخارجية شاه محمود قريشي أن باكستان لن تشارك في قمة كوالالمبور لأن كلا من السعودية والإمارات العربية لديهما مخاوف بشأن هذا الحدث. وفي كلمته أمام مجموعة من الصحفيين في وزارة الخارجية، قال قريشي إن دول الخليج تعتقد أن القمة قد تتسبب في “انقسامات داخل الأمة” وتؤدي إلى تشكيل منصة تنافس عمل منظمة التعاون الإسلامي التي تقودها السعودية، وفقا لصحيفة داون اليومية.
وترى صحيفة نيوز ويك باكستان أن موقف باكستان كان محرجا بالنسبة للحكومة الحالية، حيث أن باكستان واحدة من أوائل الدول التي وافقت على القمة في سبتمبر الماضي.
أصدقاء
أوضحت الحكومة الماليزية في ختام قمة كوالالمبور ٢٠١٩ أنه على الرغم من غياب باكستان، إلا أنها ستظل شريكا في الجهود المشتركة لإنشاء قناة تلفزيونية للمساعدة في محاربة ظاهرة الإسلاموفوبيا إلى جانب ماليزيا وتركيا، وفقا لما أوردته صحيفة باكستان توداي.
وبحسب الصحيفة المحلية فإنه حدث خطأ حين ذكرت الصفحة الرسمية لقمة كوالالمبور على تويتر أنها تتطلع إلى إنشاء قناة تلفزيونية ستكون بمثابة جهد تعاوني بين تركيا وقطر وماليزيا، ولم تذكر باكستان. إلا أن وزير الخارجية الماليزي داتو سيف الدين عبد الله صحح المعلومة مضيفا باكستان بدلا من قطر.
كما قالت ذات الصحيفة أن وزير الخارجية الماليزي أصدر انتقادا مبطنا للمملكة العربية السعودية، حين قال أن هناك دول إسلامية تخوض الحرب مع الدول الإسلامية الأخرى نيابة عن دول عظمى، بينما تتهم ذات الدول ماليزيا بتقسيم الأمة عند محاولتها تنظيم قمة إسلامية.