إعداد: سما للدراسات الاستراتيجية والبحوث
ديسمبر 2019
المحتويات
المحور الأول: فكرة القمة الخماسية وخلفيتها السياسية
1.1.تمهيد:
1.2.ارهاصات قد تكون عامل اساس في تكوين فكرة القمة الخماسية:
1.3.رؤية وفكرة مهاتير محمد للقمة وفلسفتها الاستراتيجية
1.4.لقاءات سبقت القمة وكونت فكرتها
1.5.الحاجة الملحة لانعقاد قمة كولالمبور:
المحور الثاني: المشاركون في القمة الخماسية في كوالالمبور
2.1. الوفود المشاركة في القمة الخماسية
المحور الثالث: أهداف القمة الخماسية
المحور الرابع: القمة الخماسية والمنظمات الأخرى
المحور الخامس: دعوة السعودية إلى قمة كوالالمبور 2019م
المحور السادس: نقاط قوة وضعف قمة كوالالمبور
6.1. نقاط القوة في قمة كوالالمبور
6.2. نقاط الضعف في قمة كوالالمبور
المحور السابع: تطلعات قمة كوالالمبور
المقدمة:
تهدف هذه الدراسة إلى الوصول إلى جذر فكرة القمة الخماسية في كوالالمبور والتي سوف تجري أعمالها من 18 ديسمبر وحتى 21 من ديسمبر, وذلك بمعية وحضور خمس دول كما كان معد له سلفاً ممثلة في القمة تمثيل عالى من حيث حضور رؤسائها وهم ماليزيا وتركيا وباكستان وإيران ثم قطر، لكن فوجئ الجميع بالاعتذار الباكستاني المفاجئ والذي حلله البعض على أن هناك ضغوط سياسية ربما من قبل بعض الدول كالمملكة العربية السعودية ومصر وغيرها، والدراسة سوف تتطرق الى أصل فكرة القمة والأهداف المرجوة منها ثم التطلعات التي ترمي لتحقيق القمة الخماسية، وسوف نتبع في هذه الدراسة المنهج التحليلي من خلال تتبع المعلومات ذات الصلة بالموضوع وتحليلها تحليلا علميا بما يساعدنا للوصول الى النتائج المناسبة.
المحور الأول: فكرة القمة الخماسية وخلفيتها السياسية
1.1. تمهيد:
إن الفكرة الأساسية لقمة كوالالمبور هي في الحقيقة كان خطاب ارتجاليا لرئيس الوزراء الماليزي تمخض عنه بعض الفاعليات واللقاءات السياسية بين زعماء بعض الدول وخاصة ماليزيا وتركيا وباكستان، وكانت تلك اللقاءات الثلاثة عبارة عن ارهاصات لتفاهمات اكبر حول بعض القضايا والملفات التي قد تشترك تلك الدول في مجملها أو بعض منها، وهي هواجس مشتركة للدول الثلاث، ثم توسعت تلك الفكرة لتشكل دولتين أخرتين وهما اندونيسيا وقطر، لكن الإشكالية أن اندونيسيا رفضت المشاركة بتمثيل على مستوى رئاسة الجمهورية، وباكستان فاجأت الجميع باعتذارها عن المشاركة. وهذه الإشكالات التى حصلت قبل انعقاد القمة بأيام او ربما بساعات قليلة تجعلنا نرجع لأساس الفكرة والتخطيط لها، وما هى المنطلقات التي تنطلق منها هذه القمة؟ وكيف جاءت فكرة القمة الخماسية؟ ولماذا هناك حاجة لعقد قمة إسلامية؟ ومن هم قادة الدول الإسلامية الذين سيحضرون القمة؟ ومتى ستنعقد القمة الخماسية؟ وما الهدف من عقد القمة هذه المرَّة؟ وما الحاجة لعقد قمة ماليزيا في وجود منظمات إسلامية قائمة؟ وهل قمة كوالالمبور تعتبر بديلا لمنظمة المؤتمر الإسلامى؟ وما موقف بعض الدول العربية والإسلامية من القمة الخماسية في كوالالمبور؟ وهل هناك نقاط قوة في هذه القمة؟ وما هى التحديات التي تواجه هذه القمة؟ وما هى الفرص المتاحة لتحقيق تطلعات هذه القمة؟
من خلال هذه الأسئلة التي تصرح عن نفسها تحاول الدراسة الوصول الى أطر تحليلية مناسبة يمكن من خلالها قراءة القمة بشكل استراتيجى علمى من خلال التطرق إلى الفكرة والأهداف والتطلعات.
1.2. ارهاصات قد تكون عامل أساس في تكوين فكرة القمة الخماسية:
إن الناظر الى علمنا اليوم يدرك بكل سهولة ويسر أنه أصبح عالم التكتلات والتحالفات وخاصة خلال العشر سنوات الماضية، فقد شهد العالم تحالفات كثيرة، تشكلت وتبلورت لأهداف عسكرية واقتصادية وسياسية وأمنية، الكثير منها كان هدفه إعادة التموضع استراتيجيا في بعض المناطق الحيوية كمنطقة الشرق الأوسط ومنطقة آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا ومن أمثلة ذلك التحالفات التى دعت لها المملكة العربية السعودية لمحاربة الإرهاب الذى تمثله الجماعات الإرهابية المدعومة إيرانيا او الجماعات الإرهابية التي تمثل أيدولوجيتها الفكرية خطرا على المجتمعات والدول، وهناك تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجى الذى دعت له أمريكا ويحمل الأهداف الأميركية في المنطقة، وهى استهداف إيران وتحجيم قدراتها وجبح جماحها نحو التوسع في المنطقة، خاصة مع احتلالها وعبثها ببعض الدول العربية كسوريا والعراق ولبنان واليمن، ومحاولة زعزعة الاستقرار في البحرين والكويت، وطموحها للتوسع نحو المملكة العربية السعودية.
كما أن الوجود الإقليمى الأمريكى في المنطقة له أهداف أخرى كتقليص الوجود دور الصين أو روسيا في النفوذ، لكن تبقى الكثير من هذه التحالفات شكلية وغير استراتيجية من وجهة نظر الدراسة كونها لم تؤثر ولم تؤد الى جبح جماح إيران والتوسع الروسى والصينى في المنطقة وتراجع الدور الأمريكى بشكل واضح، وفقدان العرب لكثير من مصالحهم الاستراتيجية في المنطقة. لكن الذى لا شك فيه أن العالم من حولنا يتفكك ويتكتل حسب مصالحه الاستراتيجية فهناك الاتحاد الأوروبى يشهد وقائع انفراط حبة من حبات عقده وهى خروج بريطانيا الوشيك منه.
والذى لا شك فيه كذلك أن العالم الإسلامى يحتاج إلى بنية إقليمية جديدة للأمن الإقتصادى والسياسى والاستراتيجى تضمن له بقاءه في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة، وفى ظل تكالب القوى الدولية لتوسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.
1.3. رؤية وفكرة مهاتير محمد للقمة وفلسفتها الاستراتيجية
ينظر رئيس الوزراء الماليزى مهاتير محمد إلى المسلمين أنهم اصبحوا كما يقال كالأيتام على موائد اللئام وأن كثير منهم هُجِروا وقُتِلوا واتُهِموا بالإرهاب بينما على الصعيد الأخر أن اللاعبين الرئيسيين بالمنطقة يتنافسون على مواضع القوة والنفوذ بالمنطقة، هناك امريكا وروسيا والصين وإيران وتركيا وإسرائيل، ووسط هذا المشهد الاقليمى غير المستقر كانت الرؤية الفكرية والاستراتيجية التى يقول عنها بعض المحللون لرئيس الوزراء الماليزى مهاتير محمد أن دعت ماليزيا لعقد قمة إسلامية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، اثناء لقاء رئيس الوزراء مهاتير محمد مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ورئيس وزراء باكستان عمران خان.
وقال مهاتير محمد إن أبرز القضايا التى تواجه المسلمين بشكل عام حالياً، هي: «طرد المسلمين من أوطانهم، وتصنيف الإسلام كدين إرهاب»، مؤكداً أن غالبية الدول الإسلامية ليست دولاً متطورة، وأن بعضها أصبحت «دولاً فاشلة».
1.4. لقاءات سبقت القمة وكونت فكرتها
يذهب بعض المحللين أن قمة كولالمبور تبلورت بناء على مؤتمرات سابقة كان مهاتير قد عقدها وشارك فيها بفاعلية كبير قبل أن يكون رئيس وزراء حيث انعقد المؤتمر الأول عام 2014 بدعوة من مهاتير محمد، وقد تمكن من إطلاق منتدى كوالالمبور بحضور مفكرين مسلمين حول العالم، بهدف إنتاج منظومة فكرية سياسية إسلامية جديدة، ومن ثمّ تهيئتها وتطويرها.
أما المؤتمر الثانى فقد كان أيضا فى كوالالمبور، والمؤتمر الثالث في الخرطوم ثم تلاه ذلك وكان آخرها المؤتمر الرابع في إسطنبول والذي اشترك فيها مهاتير محمد عبر الفيديو من ماليزيا بسبب انشغاله في الحملة الإنتخابية لرئاسة الوزراء.
لكن المشاهد فى هذه المؤتمرات الأربعة التى شارك فيها مهاتير أن اغلب من نظمها وشارك فيها هم من الجماعات الإسلامية الفئوية والتي تنظر لفكرها وتوجهاتها من خلال هذه المؤتمرات ولعلهم كانوا يستغلون مهاتير بدعوته لمثل تلك اللقاءات، ويطرح البعض أن بلورة فكرة قمة كوالالمبور انما جاء تتويجا لما سبقه من مؤتمرات دولية شارك فيها مهاتير محمد من خلال دعوة المنظمين لها إلى تلك المؤتمرات.
ومن خلال دراسة عناوين المؤتمرات السابقة – والتى يعتبرها البعض أساس للقمة الخماسية والتي ستعقد في ديسمبر 2019م- فنجد أن القمة الأولى كانت بعنوان “الدولة المدنية”، والثانية “دور الحرية والديمقراطية فى تحقيق الاستقرار والتنمية”، والثالثة “الحكم الرشيد”، والرابعة “الانتقال الديمقراطي”، اما الخامسة وهى الجديدة والتي ستعقد في كوالالمبور، في ديسمبر 2019م، فإنها بعنوان “دور التنمية فى الوصول إلى السيادة الوطنية.”
من الملاحظ أن العناوين تكاد تستقى من موطن واحد وتوجه واحد ومنطلقات واحدة، وهى نفس المنطلقات التى تنادى بها بعض الحركات الإسلامية فى الوطن العربى.
1.5. الحاجة الملحة لانعقاد قمة كولالمبور:
يمكن أن نستهل هذا الجزء من الدراسة بما صرح به رئيس الوزراء الماليزى في كلمته اثناء الإعلان عن قمة كوالالمبور حيث قال رئيس الوزراء مهاتير محمد: “إن أبرز القضايا التي تواجه المسلمين بشكل عام حالياً، هي: طرد المسلمين من أوطانهم، وتصنيف الإسلام كدين إرهاب»، مؤكداً أن غالبية الدول الإسلامية ليست دولاً متطورة، وأن بعضها أصبحت دولاً فاشلة”.
وحسب رؤية مهاتير محمد فإنه لا يمكن الوصول إلى الأسباب الحقيقية لهذه المعاناة التى يعانى منها كثير من المسلمين فى بقاع شتى إلا بجلوس المفكرين والعلماء والقادة، للنقاش وتسجيل الملاحظات والآراء.
اما عن الحاجة الملحة إلى عقد هذه القمة هكذا من وجهة نظر رئيس الوزراء الماليزى مهاتير محمد هى أنها تعد الخطوة الأولى، كى نساعد المسلمين على استعادة أمجادهم الماضية، أو على الأقل نساعدهم على تجنُّب الإذلال والاضطهاد الذى نراه حول العالم هذه الأيام.
والذى يتابع خطابات رئيس الوزراء الماليزى مهاتير محمد وكتاباته مؤخرا يدرك بما لا يدع مجالا للشك أن الرجل متأثر بأحوال العالم الإسلامى وما يموج به من أحداث وتغيرات استراتيجية، وما يشهده من اضطرابات ، وفى هذا الإطار تأتى مواقفه وتصريحاته من قضايا مثل ما يتعرض له مسلمو الروهينغيا في ميانمار، ومعاملة الهند للمسلمين بكشمير، إضافة إلى موقفه من الصراع الإسرائيلى-الفلسطينى، وكان موقفه بالأمم المتحدة فى اجتماعات سبتمبر/أيلول الماضى2019، عندما أخبر قادة العالم من على منصة الأمم المتحدة بأن الهند “قامت بغزو واحتلال كشمير”. ومنذ عودته إلى منصب رئيس الوزراء العام الماضى، بعد فوزه فى الانتخابات العامة، أكثر مهاتير البالغ من العمر 94 عاماً، من انتقاداته لإسرائيل، لاحتلالها الأراضى الفلسطينية وممارساتها ضد الفلسطينيين، وهو رافض للاعتراف بإسرائيل قبل حصول الفلسطينيين على حقهم فى إقامة دولتهم المستقلة.
الجدير بالذكر أن الاسبوع الماضى من ديسمبر الجاري 2019م، انتقد رئيس الوزراء الماليزى مهاتير محمد وصاحب فكرة القمة المرتقبة قرار الولايات المتحدة اعتبار المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية والقدس المحتلة قانونياً، عكس القرارات الدولية والسياسة الأمريكية ذاتها على مدى العقود الطويلة منذ قيام دولة إسرائيل.
وهذا يدلل بوضوح أن رئيس الوزراء الماليزى لديه فعلا آمال وطموحات للتخفيف والحد مما يتعرض له المسلمون من ويلات وعذابات وتشريد وقتل واتهامات بالإرهاب وغيره فى دول شتى فى أنحاء العالم، لكن الإشكالية تقع فى اغتنام بعض التوجهات والتيارات الإسلامية هذه العاطفة الجياشة لرئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد لتمرير بعض اجنداتها من خلال مثل هذه القمم والمؤتمرات الدولية.
لكن الملاحظ أنه دعى إلى القمة, الرئيس الإيراني روحاني كمشارك، والنظام الإيراني كما هو معلوم أنه السبب الرئيسي فى ويلات الحروب والدمار والتشريد الذى حصل لبعض بلدان الشرق الأوسط كسوريا والعراق واليمن ولبنان، إضافة إلى أن النظام الإيراني يعمل بكل إمكانياته على إقلاق الاستقرار فى البحرين والكويت من خلال خلاياه النائمة الإرهابية، فكيف تجتمع هذه الخلفية الفكرية للقمة والتخفيف من معاناة المسلمين، وفى نفس الوقت يدعى النظام الذي هو السبب الرئيسي في أغلب ما حصل ويحصل للمسلمين فى سوريا واليمن والعراق ولبنان وغيرها من البلدان، هذه نقطة تحتاج إلى التوقف والتحليل وإعادة النظر في الخلفية الفكرية للقمة.
المحور الثاني: المشاركون فى القمة الخماسية فى كوالالمبور
كما هو معلن من قبل المنظمين للقمة الخماسية أن المشاركات لن تقتصر على زعماء بعض الدول المدعوة كتركيا وإيران وقطر وإنما هناك مشاركات لشخصيات إسلامية فاعلة ومؤثرة وقد يصل عدد المشاركين إلى ما يقارب 450 شخصية إسلامية بين قادة سياسيين ومفكرين وعلماء دين، للتناقش وإعطاء آرائهم وأفكارهم حول أنسب الحلول لمواجهة مشكلات المسلمين حول العالم، كما هو معلن فى جدول أعمال القمة الخماسية.
2.1. الوفود المشاركة في القمة الخماسية
سوف تتم مشاركة بعض وفود الدول وفقاً لما تم إعلانه فسوف يكون الوفد التركي في طليعة الوفود المشاركة برئاسة الرئيس التركي السيد أردوغان، أما الوفد القطري فسوف يكون برئاسة الشيخ تميم بن حمد، كما أن الوفد الإيراني برئاسة روحاني سيكون من ضمن الوفود المشاركة وإن كانت مشاركة الوفد الإيراني ليست مشاركة ضمن الأعضاء المكونون للقمة وانما هي مشاركة وفقا لدعوة قدمها الأعضاء المشاركون لبعض الدول ومن ضمنهم إيران. اما باكستان فقد اعتذرت عن الحضور لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي الباكستاني حسب تعبير رئيس الوزراء الباكستاني، وإن كانت باكستان فعليا هي من ضمن الأعضاء الخمسة المكونون لفريق القمة الخماسي, كما اعتذر الرئيس الاندونيسي عن الحضور. وبذلك فان أعضاء القمة الفعلين هم ثلاث دول ماليزيا وتركيا وقطر وذلك بعد اعتذار دولتين هما اندونيسيا وباكستان وإن كانت اندونيسيا ستشارك على مستوى نائب الرئيس.
واعتذار بعض الأعضاء المكونون للقمة كباكستان واندونيسيا عن الحضور في أعمال القمة الخماسية يجعل القمة على المحك ويضع علامة استفهام كبيرة حول جدوى عقد مثل هذه القمم التي تكون باسم الامة الإسلامية جميعها لكنها في الواقع الفعلي تنظم من قبل مجموعة دول محددة تحمل أجندات معينة قد تكون داخلة في تصفية بعض الملفات السياسية مع دول إسلامية أخرى.
المحور الثالث: أهداف القمة الخماسية
إن الخلفية الفكرية أو المنطلق الفلسفي للقمة يحمل شعارا واسمه «دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية»، وهذا هو الهدف الأساسى للقمة والوسيلة لتحقيق هذا الهدف حسب ما هو معلن من قبل المعنيين بالقمة الخماسية هو اتاحة الفرصة للمفكرين والقادة والسياسيين والاعلامين والعلماء للنقاش والبحث عن حلول عملية، لمواجهة المشاكل التي تواجه العالم الإسلامي والمسلمين حول العالم، وربما تكون هناك اتفاقيات حول بعض الآليات التي من شأنها أن تساعد على تنفيذ الأفكار والحلول التي يتم التوصل إليها.
ولا شك في أنَّ تجمُّع القادة والمفكرين والعلماء بهدف النقاش ومحاولة وضع حلول قابلة للتنفيذ على أرض الواقع لمشاكل المسلمين- أمر ضروري وبداية لا بد منها حتى يمكن تثبيت أرضية مشتركة تمثل أساساً صلباً يمكن البناء عليه لتقليل التركيز على نقاط الخلاف.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، في هذه القضية بالذات ما مدى إمكانية تحقيق هذا المطلب في ظل حصر القمة على ثلاث دول فقط خاصة بعد اعتذار دولة اندونيسيا وباكستان، وهل هذه النقاشات سوف تكون عملية في تحقيق الهدف المعلن وهو حل مشاكل العالم الإسلامي، وكما هو معلوم أن العالم الإسلامي ليس هو الدول الثلاث المشاركة في القمة، وإنما العالم الإسلامي يتكون من أكثر من 60 دولة حول العالم! وهل تحقيق الهدف متاح في ظل تغيب بعض الدول الإسلامية ذات التأثير الكبير في العالم الإسلامي كالمملكة العربية السعودية ومصر مثلا؟ وهل مشاركة إيران في هذه القمة كان قراراً حكيماً في تحقيق الهدف المنشود، خاصة أن العالم الإسلامى يعلم من أقصاه إلى أقصاه أن النظام الإيرانى هو السبب الرئيسى في معاناة المسلمين وهو سبب تشريد الملايين وقتل مئات الآلاف في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وهو النظام الذي يدعم الإرهاب في المنطقة وبشكل واضح، وهناك قرارات أممية في هذا الصدد، فهل مشاركة نظما كهذا سوف يكون فاعلا في تحقيق الهدف لوضع حد لمشاكل العالم الإسلامي والمسلمين في العالم؟ هذه بعض التساؤلات التي تطرح نفسها في سياقات مختلفة تكون مجالا للتشكيك بمدى فاعلية الآليات التي يمكن من خلالها تحقيق أهداف القمة المنشودة.
المحور الرابع: القمة الخماسية والمنظمات الأخرى
حينما نتحدث عن قمة كولالمبور يتبادر الى الذهن بشكل مباشر ماذا تعني قمة كوالالمبور بالنسبة إلى المنظمات الأخرى سواء كانت إسلامية او غير إسلامية مادام الخلفية الفكرية للجميع تكاد تكون في نفس النسق والتشابه فهناك على سبيل المثال لا الحصر منظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز ومؤسسة أمم جنوب شرقي آسيا (آسيان)، فهل تكون قمة كوالالمبور ميلاد لمنظمة جديدة تحاكي المنظمات الأخرى؟ هل ستكون لها اجندات واهداف ووسائل مختلفة؟ ماهي الإضافات التي يمكن أن تضيفها قمة كولالمبور في ظل هذا الزخم من المشاكل السياسية والإقتصادية والعسكرية والتسابق على التسلح والنفوذ في العالم، إضافة إلى ما تواجهه بعض الدول الإسلامية من مشكلات تشغلها وتكرّس وقتها للتعامل معها؟ فهل ستتمكن هذه القمة من تحقيق أهدافها في ظل هذا الموج الهائج من التناقضات التي تمتلئ بها الدول ذاتها التي تعتبر أعضاء دائمون في القمة؟ التباينات السياسية الفكرية الإقتصادية…. إلخ.
المحور الخامس: دعوة السعودية إلى قمة كوالالمبور 2019م
تحدثت تقارير اعلامية وصحفية أنه تمت دعوة المملكة العربية السعودية لتكون جزءاً من هذا التعاون، وأرسلت ماليزيا اثنين من المبعوثين للمملكة، هما وزير خارجية ماليزيا للقاء ولي العهد السعودي، ووزير التعليم الماليزي للقاء خادم الحرمين الشريفين للترحيب بمشاركة المملكة العربية السعودية في هذه القمة الإسلامية. وحتى كتابة هذه السطور لم تعلن المملكة موقفها الرسمي حول المشاركة في القمة، ولعل عدم رد المملكة العربية السعودية بشكل رسمي على موقفها من المشاركة من القمة كان له بعض المسوغات المقبولة كونها بلد إسلامي كبير ولديها موقعها الديني والجغرافي المؤثر في العالم الإسلامي، بينما يتم دعوتها للمشاركة في هامش القمة، والمناسب لموقع المملكة العربية السعودية كبلد إسلامي ذا ثقل ديني وإسلامي في العالم الإسلامي أن تكون من الرعاة الأساسيين للقمة
وبقية الدول العربية وخاصة دول الخليج واليمن تتأثر تبعا لموقف المملكة العربية السعودية والدليل على ذلك أنه تم ايضا توجيه الدعوة لبعض الدول العربية والخليجية على وجه الخصوص، ولم تحدد موقفها من القمة حتى الآن بشكل رسمي ومن المرجح أن يتأخر رد الفعل لحين انتهاء أعمال القمة والكشف عن مخرجاتها.
المحور السادس: نقاط قوة وضعف قمة كوالالمبور
ما من عمل إلا ويحمل في طياته بعض نقاط القوة وبعض نقاط الضعف ويحكم على نجاح العمل أو فشله على مستوى تحليل الأغلبية في النقاط التي يحققها في جانب القوة أو النقاط التي يفشل فيها في جانب الضعف، وبناء على هذه المسلّمة في تحليل النجاح والفشل سوف نتطرق الى بعض نقاط القوة والضعف في القمة المرتقبة لنصل لبعض النتائج المهمة المتعلقة في هذه الإطار.
6.1. نقاط القوة في قمة كوالالمبور
قد تحقق قمة كوالالمبور بعض نقاط القوة من خلال بعض العوامل والمنطلقات التي سوف تعتمد عليها هذه الدراسة في التحليل، ومن أهم المنطلقات التي سوف نعتمد عليها في قياس نقاط القوة لقمة كوالالمبور أولا الإمكانيات التي تتمتع بها الدول الرئيسية المشاركة في القمة، فتركيا دولة ذات قوة إقتصادية وعسكرية وسكانية جيدة ، ولديها تجربة إقتصادية تنموية ناجحة ومتميزة، وإن كان مؤخرا لديها بعض المشاكل الإقتصادية التي أثرت عليها بشكل كبير، اما ماليزيا فلديها ثقل في الجانب الإقتصادي والتنموي إضافة إلى الجانب التقني الذي تتميز به ماليزيا، وقطر تمتلك المال ويمكنها ضخ استثمارات كبيرة في الدور الرئيسية التي تمثل القمة، فلو استغلت مثل هذه الإمكانيات بشكل فعال وصحيح واستراتيجي فلربما يكون هناك بعض النتائج الإيجابية والتي تحس جواب ونقاط قوة في الدول الرئيسية المكونة للقمة. على اعتبار استبعاد باكستان واندونيسيا ذوات المخزون البشري الهائل ومقابل ذلك الوضع الإقتصادي المتردي جدا في الدولتين.
إذا خطت هذه الدول بشكل استراتيجي نحو أهداف التنمية بهذا النسق فإنه يمكن أن تكون مثالا يحتذى لبقية الدول الإسلامية في الالتحاق بها لتكون عاملاً مهماً من عوامل بناء الحضارة الإسلامية من جديد كما هو مقرر ضمن أهداف القمة المعلنة، ولا سيما أن التكامل بين عناصر الإنتاج في هذا التكتل الوليد، من موارد طبيعية وقوى بشرية ورأس مال، متوفر بصورة تفتح باب الأمل وتدعم التنمية وتبرز الإسلام بكونه رحمة للعالمين، لا سيما وأن من مهام تلك القمة تأسيس شراكة في المجال الإعلامي من أجل مكافحة الإسلامفوبيا.
6.2. نقاط الضعف في قمة كوالالمبور
من خلال التتبع لكثير من ردود الأفعال والتحليلات التي تمحورت حول قمة كولالمبور،
1- فإن أهم اختبار تواجهه هذه القمة، هو أنها لن تخرج بقرارات عملية ذات أهمية على المستوى العملي والتي تمهد الطريق نحو النهضة من جديد، فعلى سبيل المثال فإنه يتوقه أن تكون القمة كغيرها من القمم التي شهدها العالم الإسلامى على مر العقود الماضية, ومن نقاط الضعف هذه، الاكتفاء بالتوصيات في ختام القمة دون الوصول إلى قرارات ملزمة للمشاركين في القمة لاسيما أن الخمس دول الرئيسية الكبرى في القمة تقلصت الى ثلاث دول رئيسية، وهذا ما يجعل مصداقية القمم على المحك، ويضع تحدياً حقيقاً أمام المشاركين حول إتخاذ قرارات ذات فاعلية في الميدان العلمي نحو تحقيق الهدف المعلن من القمة.
2- ولو حللنا الخلفيات السياسية للدول المشاركة في القمة بشكل رئيسي فإن لديها أجندات متباينة، وتطلعات وطموحات مختلفة وتحديات داخلية جمة، وهو ما قد يخفض من سقف التوقعات والرهانات على مخرجات القمة.
3- ما سوف تتطرق إليه القمة ليس قضايا بسيطة يمكن أن تحل بجلسات نقاش أو خطابات لزعماء دول، وإنما هي قضايا ومشكلات متجذرة في بنية المجتمع المسلم وعلى وجه الخصوص القضايا والمشاكل الطائفية والتي لها جذور عقدية وفكرية تغذيها بشكل مستمر على مر العصور، وهذا يضع المشاركون في القمة أمام تحدي حقيقي، فما ستطرحه القمة من قضايا ومشكلات ومعضلات يمر بها العالم الإسلامي يفرض معضلات أكبر من أين نبدأ وبماذا نبدأ ، فإذا لم تجيب القمة على هذه التساؤلات بدقة في ظل تنازع الأولويات، وكثرة التعقيدات وتشابك وتقاطع المصالح الإقليمية والدولية سيكون من الصعب تحقيق الأهداف المرجوة التي أعلن عنها مهاتير محمد وهى لاشك طموحات كبيرة مثقلة بإرث قديم من التعقيدات والصراعات الإقليمية والدولية.
4- ومن أهم نقاط الضعف والتحديات هو رد فعل الدول غير المشاركة والتي تحفظت على القمة والدول المشاركة فيها، أو التي لا تتفق معها أو تتعارض مع مصالحها، ولا شك أن هذا يمثل نقاط ضعف كبيرة في القمة، خاصة إذا ما نظرنا إلى الهدف المعلن وهو هدف إسلامي اممي بامتياز، والسواد الأعظم من الدول العربية والإسلامية التى لديها تحفظات على القمة.
- ومن اهم نقاط الضعف في هذه القمة هو تمكين النظام الإيراني المتهم بارتكاب فظائع وجرائم إرهابية في كل من العراق وسوريا واليمن وغيرها من البلدان التي تنشط فيها بعض المليشيات الشيعية الإرهابية المدعومة من إيران إضافة الى مواقف النظام الإيراني من الأزمات التي تشهدها المنطقة، ومشروعها النووي الذى يثير مخاوف جيرانها في الخليج، وتدخلها في الشؤون الداخلية في الكثير من العواصم العربية، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة في أعمال القمة وهو كيف ستتعامل القمة مع إيران؟ ، وماذا ستقدم إيران للقمة؟، وكيف يمكن أن تستثمر القمة قوة إيران لصالح العالم الإسلامي؟ ، وكيف يمكن كبح جماح مشاريعها التوسعية ونفوذها المتمدد في المنطقة؟
المحور السابع: تطلعات قمة كوالالمبور
ينظر البعض إلى أن قمة كولالمبور لديها فرص واعدة ومتميزة لتحقيق تطلعات واعدة في الطريق نحو النهضة المرتقبة ومن ذلك ما يلي:
- إيجاد نظام نقدي مشترك
- زيادة التجارة البينية بين تلك الدول الإسلامية
- تنفيذ مشاريع واستثمارات مشتركة في البحث العلمي والتطوير التقني والابتكار المعرفي والدفاع المشترك،
- حمل قضايا الأمة وفي مقدمتها قضايا فلسطين وكشمير واليغور.
- إعادة صياغة التحالفات في منطقة الشرق الأوسط إذا ما أحسن استثمارها، تحالفات تقوم على التكامل الاقتصادي، وتدعم خطط التنمية المستدامة في الدول المشاركة فيها
- تكوين نواه حقيقية لتكتل مفقود ومنشود في وقت يتدافع فيه اللاعبون الكبار لتقاسم مواضع النفوذ في منطقة الشرق الأوسط.