المصدر: Bernama
الرابط: https://2u.pw/eAPo6uP
سادت ملامح العمل الخيري التعاوني في المشهد الاجتماعي السعودي منذ قرون مضت؛ حتى أصبح عادة يتناقلها السعوديون جيلاً بعد جيل، كواجب تكافلي مهم؛ فعله الآباء والأجداد وورثوه للأبناء؛ لتدعمه القيادة وتعزز قوته، فأصبحت المملكة العربية السعودية تتصدر الدول حول العالم في الأعمال الخيرية.
ولعل نيل السعوديين للشرف العظيم بوجود الحرمين الشريفين في أراضيهم، أسهم في تقوية العمل الخيري لديهم، إذ دأبوا حكومة وشعباً على خدمة ضيوف الرحمن طوال العام من معتمرين وزائرين وحجاج.
ففي مكة المكرمة ومحافظاتها، يتسابق الأهالي من أجل نيل شرف خدمة الحجيج، وتبرز في مكة والمدينة المنورة مفردة “المساندة” وهي الأكثر شيوعًا، حيث يتشاركون في الكثير من الأعمال التطوعية المجتمعية؛ بمساعدة الأهل والأقارب، من أجل خدمة الحاج والمعتمر.
أما في شرق المملكة، فالمصطلح الأكثر رواجاً “النجدة”، توارثه الأهالي جيلاً بعد جيل، وخصوصاً في نجدة التائهين في صحراء الربع الخالي وكثبانها الرملية الشاسعة، حيث تتبرع مجموعات من الشباب بالكثير من أساليب المساعدة ومنها قص الأثر لنجدة المستغيث.
وفي جنوب المملكة، تتحول المفردة إلى “الفزعة”، حيث يبرز التكافل الاجتماعي في مساعدة أهالي القرى على حرث مزارعهم وحصاد محاصيلهم، وسقايتها في غياب أصحابها، وإعادة بناء المنازل، وترميم بعضها الآخر، ومعونات متنوعة لإطلاق سجناء أو إنهاء مشكلة اجتماعية أو حتى مساعدة المتزوجين.
وتبرز مفردة “العونة” في شمال المملكة، حيث يتسابق الأهالي لمساعدة المحتاج؛ بعد تقسيم المهام فيما بينهم على شكل مجموعات، فمنهم مجموعة تجلب المؤونة للعائلات اليتيمة الفاقدة لمن يعولها، وتأمين مستلزمات عابري السبيل من الدول المجاورة، واستقبال وفودهم الحاضرة لأداء العمرة والحج ومد سفر الطعام، بل إن لدى أهالي الشمال.
وفي حديثه لـ “واس” قال المواطن سلمان الثقفي: “نحمد الله أن سخرنا في هذه البلاد المباركة لخدمة ضيوف الرحمن، لتعزز فينا حب الخير ومساعدة الآخرين، فقد ورثنا هذه الطباع من آبائنا وأجدادنا حتى أصبحت خدمة الآخرين مفهومًا تطوعيًا في عصرنا الحديث.
“بما يعكس صورة لمجتمع متكاتف متعاون، فقد كان الأسلاف يسارعون إلى الاستجابة للآخرين عند احتياجهم للعون، ويختمونه بوليمة تجمعهم على سفرة واحدة”.
وفي ذات السياق أوضح المهتم ببرامج المسؤولية الاجتماعية هاشم العبدلي أن الفزعة أو النجدة تتخذ أشكالًا عدة، منها الفزعة لإنقاذ الأرواح، وهي أكثر الفزعات التي تحظى بالتقدير وقت الحوادث الجلية، بغض النظر عن جنسية وهوية المفزوع له، أو إعانة بلد آخر الذي تنتهجه الحكومة الرشيدة في مساندة الشعوب التي تأثرت بالكوارث الطبييعة من خلال تقديم الاحتياجات كافة.
وأوضح أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة بجامعة أم القرى الدكتور عبدالله الشريف، أن الدولة نظمت العمل الخيري وساندته ودعمته في الخارج عن طريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية؛ إسهامًا منها في العمل الإنساني الدولي الذي يتميز بالبعد الخيري دون تمييز من ناحية الدين أو الجنس.
موضحًا أن الجانب الآخر من العمل الخيري الداخلي للدولة أتى من خلال منصات وضعت بصماتها الواضحة مثل منصة إحسان وزكاتي وفرجت وجود الإسكان وتبرع وشفاء وغيرها.
من جانبه أوضح الأستاذ المساعد بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز الدكتور صالح السلمي أن العمل التطوعي يعبر عن المثول الفردي البعيد عن المصالح الشخصية لخدمة النفع العام بتقديم الخدمات الاجتماعية التي تنهض بالمجتمع بوازع شخصي إيمانا منهم بضرورة التعاون وتقديم ما يستطيعونه لإعمار مجتمع يرتكز على التكاتف ويؤمن بتحسين المسارات المشتركة ليسهل عبور الأجيال من طور حضاري إلى آخر؛ بما يتلاءم مع التطلعات المأمولة والخطط المرسومة لمستقبل أفضل وفق رؤية المملكة 2030.