المصدر: The Sun
أظهر داتوك سيري أنور إبراهيم في عامه الأول كرئيس وزراء ماليزيا العاشر وتيرة مثيرة للإعجاب في المشاركة الدبلوماسية، مما يعكس التزامه باستعادة سمعة ماليزيا في مجال الدعوة الدولية والمشاركة في دبلوماسية إقليمية استباقية.
منذ توليه منصبه في 24 نوفمبر 2022، حظى النهج الاستباقي لرئيس الوزراء البالغ من العمر 76 عامًا تجاه القضايا العالمية والشؤون الإقليمية بالثناء من العديد من الجهات، متجاوزًا الوتيرة الدبلوماسية التي حددها أسلافه.
ويتجلى تفاني أنور في جولته الدبلوماسية الواسعة التي شملت دول مثل إندونيسيا، بروناي، سنغافورة، تايلاند، تركيا، الفلبين، المملكة العربية السعودية، كمبوديا، لاوس، فيتنام، الصين، الولايات المتحدة، الإمارات العربية المتحدة ومصر.
وتشكل هذه الوتيرة المتواصلة دليلاً واضحاً على التزام أنور باستعادة مكانة ماليزيا الدولية، وهو ما انعكس بشكل ملحوظ في قراره بتعزيز العلاقات الثنائية مع جيرانه في جنوب شرق آسيا من خلال أول زيارة خارجية رسمية له إلى العاصمة الإندونيسية جاكرتا في الفترة من الثامن إلى التاسع من يناير.
أشاد البروفيسور الجيوستراتيجي عزمي حسن بالعام الأول لأنور كرئيس للوزراء، وأشاد بالسلوك الدبلوماسي لرئيس الوزراء الماليزي.
وقال لبرناما: “فيما يتعلق بالمشاركة الدبلوماسية، أود أن أقول إن داتوك سيري أنور شخص ودود للغاية وعملي ودبلوماسي للغاية. أعتقد أنه بفضل هالته، كان يؤدي أداءًا جيدًا للغاية على الساحة الدولية وكذلك على الساحة الإقليمية، سواء كان ذلك في منطقة المحيطين الهندي والهادئ أو منطقة آسيا والمحيط الهادئ أو جنوب شرق آسيا.”
وسلط عزمي الضوء على مبادرات أنور الدبلوماسية العديدة في فترة قصيرة، بما في ذلك التمسك بمركزية آسيان، معالجة أزمة ميانمار، الصراع في جنوب تايلاند والتعامل الدقيق مع قضية بحر الصين الجنوبي، مما يميزه عن أسلافه.
قبل ذلك، أراد أنور الاستمرار في السعي إلى إقامة علاقات قوية مع كل من الصين والولايات المتحدة دون دفعه لاختيار جانب أو آخر، مضيفًا أن إشراك القوتين الرئيسيتين يوفر لماليزيا مساحة استراتيجية أكبر لتعزيز مصالحها الوطنية.
وكثيراً ما كان أنور يحظى بالثناء على تأكيده على الفرص البينية والمؤسسية في التجارة والاستثمار في مواجهة التنافس بين الولايات المتحدة والصين.
وقال عزمي: “فيما يتعلق بما إذا كانت ماليزيا مع الأمريكيين أو الصينيين، أعتقد أن سياستنا تقع في الوسط، أو إذا جاز لي القول، إنها محايدة للغاية. نحن لسنا مع الولايات المتحدة ولا مع الصين، لكننا نحافظ على موقف ودي مع الجانبين لأنه يفيدنا”.
وشدد الجيوستراتيجي أيضًا على أهمية الاجتماعات وجهًا لوجه لنقل استقرار ماليزيا وجاذبيتها للاستثمارات، مشيرًا إلى أن نهج أنور كان فعالاً في نقل الأفكار والطلبات إلى قادة العالم الآخرين.
والجدير بالذكر أن أنور كان صريحًا في دعم القضية الفلسطينية منذ البداية، حيث أدان الهجمات الإسرائيلية على منصات دولية مثل أسبوع الحوار غير الرسمي للقادة الاقتصاديين لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك) وغداء العمل الذي عُقِد في الولايات المتحدة مؤخرًا.
وخلال الاجتماع، فاجأ أنور الزعماء بإدانته الهجمات الإسرائيلية على فلسطين، ودعوته إلى وقف إطلاق النار بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، الحليف القوي لإسرائيل، وبقية زعماء الاقتصادات الأعضاء.
كما صدر بيان مشترك لزعماء ماليزيا وإندونيسيا وبروناي خلال مؤتمر قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وهدنة إنسانية مستدامة في غزة، مما يُظهِر مدى جدية ماليزيا وجيرانها المسلمين المباشرين في محنة الفلسطينيين.
كما أثار أنور القضية الفلسطينية باستمرار في مختلف التجمعات الدولية، بما في ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة، قمة آسيان، القمة الافتتاحية بين الآسيان ومجلس التعاون الخليجي والقمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة.
كما شارك في القمة الإسلامية الاستثنائية الثامنة لمنظمة التعاون الإسلامي في الرياض بالمملكة العربية السعودية والتي عُقِدَت للتصدي للعدوان والقسوة والوحشية الإسرائيلية في فلسطين.
وإلى جانب القضية الفلسطينية، حظيت علاقات أنور الدافئة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإشادة الكثيرين، لا سيما لتعهده الودي الذي قام به في زيارة شخصية إلى تركيا لإظهار الدعم لضحايا الزلزال في فبراير.
ووصف أنور أردوغان بأنه صديق شخصي وعائلي، وأشاد بتركيا باعتبارها دولة إسلامية حديثة وتقدمية يمكنها أن تلعب أدوارًا بناءة في الشؤون الدولية.
ومن المعالم المهمة الأخرى في جولة أنور الدبلوماسية، زيارته الرسمية التي استغرقت أربعة أيام للصين في أبريل، حيث التقى بالقادة الصينيين بما في ذلك الرئيس شي جين بينغ.
ووصفت ماليزيا الزيارة بأنها إنجاز يجلب فوائد كبيرة للبلاد، وحصلت على التزامات استثمارية بقيمة 170 مليار رنجت ماليزي (51.2 مليار دولار أمريكي) من الصين من خلال 19 مذكرة تفاهم موقعة بين الشركات في كلا البلدين، وخاصة في قطاعات التكنولوجيا الخضراء والاقتصاد الرقمي.
بالإضافة إلى الجهود الدبلوماسية التي بذلها أنور، استضافت ماليزيا قادة بارزين من الدول الرئيسية خلال عامه الأول في منصبه، بما في ذلك الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إلى جانب عدة زيارات رفيعة المستوى من أستراليا والمملكة العربية السعودية وسنغافورة والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا والهند والفلبين وهونج كونج وتيمور الشرقية وبروناي ونيوزيلندا وتايلاند وهولندا واليابان، وكان آخر الأحداث البارزة هي الزيارة الرسمية الافتتاحية للأمير ألبرت الثاني أمير موناكو في الفترة من 26 إلى 29 نوفمبر.
ومن المتوقع أن يختتم أنور جولته الدبلوماسية لعام 2023 بحضور القمة التذكارية بين الآسيان واليابان في الفترة من 16 إلى 18 ديسمبر.
يعكس العام الأول لرئيس الوزراء الماليزي في منصبه أجندة دبلوماسية قوية، مما يشير إلى عودة ماليزيا إلى الساحة العالمية تحت قيادته.