المصدر: Free Malaysia Today
قال الأمين العام للأمم المتحدة إن كبير مسؤولي الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة يتجه إلى منطقة السودان بسبب “الأزمة الإنسانية المتدهورة بسرعة” في البلد الذي يمزقه الصراع.
جاء إعلان الأمين العام أنطونيو جوتيريش يوم الأحد بعد وقت قصير من إعلان القوات السودانية المتناحرة تمديد الهدنة التي انتهكتها إلى حد كبير ، حيث حلقت الطائرات الحربية في سماء المنطقة واستمر القتال في العاصمة الخرطوم.
أعلن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الأحد تمديد الهدنة التي تنتهي منتصف الليل لمدة ثلاثة أيام رغم خرقها باستمرار منذ بدئها، فيما قرر الأمين العام للأمم المتحدة إيفاد مسؤول كبير إلى المنطقة في ظل الوضع “غير المسبوق” في السودان.
وقال الجيش في بيان إنه بناء على المساعي السعودية والأميركية وافقت القوات المسلحة على تمديد الهدنة مؤكدا “جاهزيته التامة للتعامل مع أي خروقات”.
كما أعلنت قوات الدعم السريع “تمديد أجل الهدنة الإنسانية لـ72 ساعة” استجابة “لنداءات دولية وإقليمية ومحلية”. وقالت أنها ستلتزم بوقف إطلاق النار “رغم الخروقات المستمرة” من قبل الجيش.
من جانبه، قرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد أن يوفد “فورا” الى المنطقة المسؤول عن الشؤون الإنسانية في المنظمة مارتن غريفيث في ضوء وضع “غير مسبوق”.
وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك في بيان إن الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين، مبديا قلقه الكبير وداعيا جميع الأطراف إلى حماية المدنيين والسماح لهم بمغادرة مناطق المعارك.
وغرق السودان في الفوضى منذ انفجر في منتصف ابريل الصراع الدامي على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقّب “حميدتي”.
وأوقعت الحرب ما لا يقل عن 528 قتيلا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السبت، لكن يرجح أن تكون الحصيلة أعلى.
ويتبادل طرفا النزاع بانتظام الاتهامات بانتهاك الهدنة. وأفاد شهود عيان وكالة فرانس برس بوقوع اشتباكات الأحد قرب مقر الجيش في الخرطوم، وتعرض مدينة أم درمان غرب العاصمة لقصف جوي.
ومن جنوب الخرطوم قال شاهد عيان “هناك قتال عنيف جدا وإطلاق نار كثيف في الشارع كل بضع دقائق منذ الصباح الباكر”.
ومع دخول المعارك أسبوعها الثالث، لا تزال العائلات في العاصمة البالغ عدد سكانها حوالى خمسة ملايين نسمة، وضواحيها، تعاني نقص الغذاء والمياه والكهرباء والسيولة النقدية ويقبع الكثيرون منهم في المنازل.
ونزح عشرات آلاف الأشخاص في الداخل أو إلى البلدان المجاورة، فيما تنظم عدة دول أجنبية وعربية عمليات إجلاء واسعة.
شحنة مساعدات
وصلت إلى مدينة بورتسودان الأحد أول شحنة مساعدات إنسانية من الصليب الأحمر جوا، أرسلت من عمّان وتزن ثمانية أطنان.
وقال المدير الإقليمي لمنطقة إفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر باتريك يوسف في مؤتمر صحافي افتراضي من جنيف “تمكنا من الطيران إلى بورتسودان من عمان كطاقم طبي مع مستلزمات للتعامل مع جرحى الحرب تكفي لاستقرار 1500 جريح”.
ودعت القوى الدولية والإقليمية إلى وضع حد للعنف المتصاعد بين القائدين العسكريين، لكنهما رفضا المحادثات المباشرة.
واجتمع وزير الخارجية السعودي فيصل بين فرحان الأحد مع موفد للبرهان.
إلى ذلك، أجرى نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ منصور بن زايد اتصالا بالبرهان، نقل إليه خلاله حرص أبوظبي على دعم جميع الحلول والمبادرات السياسية السلمية الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان، وفق ما أفادت وكالة أنباء الإمارات.
ولا يبدو أي حل دبلوماسي في الأفق رغم الجهود الدولية والإقليمية.
لكن الجامعة العربية أعلنت عقد اجتماع الاثنين على مستوى السفراء، بناء على طلب مصر، للبحث مجددا في الأوضاع في السودان.
وأعلنت الأمم المتحدة في بيان الإبقاء على عدد من موظفيها في السودان على رأسهم المبعوث الخاص للأمين العام فولكر بيرتيس، فيما وصل 700 من موظفيها وموظفي السفارات والمنظمات غير الحكومية إلى ميناء بورتسودان تمهيدا لاجلائهم.
وقالت الأمم المتحدة إن نحو 75 ألف شخص نزحوا داخليًا خلال الأسبوع الأول من القتال بشكل رئيسي في ولايات الخرطوم والشمالية والنيل الأزرق وشمال كردفان وشمال وغرب وجنوب دارفور.
وفر أكثر من 30 ألف شخص إلى تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وافريقيا الوسطى، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، التي حذرت من وصول عدد الفارين إلى 270 ألف شخص في حال تواصل القتال.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية الأحد تمكّن نحو ألف مواطن أميركي من مغادرة السودان بتسهيل من حكومة بلادهم منذ بدء المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف نيسان/أبريل.
وكانت وزارة الصحة السودانية قالت إن القتال طاول 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.
دارفور
في غرب دارفور، قتل 96 شخصا على الأقل منذ الاثنين في مدينة الجنينة، بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي وصفت الوضع بأنه خطير.
وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود التي اضطرت الى “وقف كل أعمالها تقريبا في غرب دارفور” بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون.
وحذّر بيرون في بيان من أن منظمته قلقة جدا من تأثير أعمال العنف على الذين سبق أن عانوا موجات من العنف.
وأشارت وزارة الصحة إلى “تسبب الصراع القبلي المسلح في تدمير لمستشفى الجنينة الرئيسي و لوزارة الصحة وإتلاف ما بها من ممتلكات وعربات وأجهزة”.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش القتال في دارفور بأنه مروع، وقال إن المجتمع ينهار ونرى القبائل تحاول الآن تسليح نفسها”.
شهد إقليم دارفور حربا دامية بدأت في العام 2003 بين نظام الرئيس السابق عمر البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات إثنية، ما أسفر عن مقتل 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
ولجأ البشير في هذه الحرب إلى تشكيل ميليشيا “الجنجويد” بقيادة دقلو، والتي تطورت لاحقًا إلى قوات الدعم السريع، التي تم إنشاؤها رسميًا في عام 2013.
وكان البرهان و دقلو قد أطاحا معا عام 2021 بشركائهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط الرئيس عمر البشير عام 2019.
لكن سرعان ما ظهرت خلافات بينهما وتصاعدت حدتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش.