المصدر: Malay Mail
بدأت في اليمن الجمعة عملية تبادل مئات السجناء بين طرفَي النزاع تشمل أسرى سعوديين، في بارقة أمل تعطي دفعا للجهود الدبلوماسية الهادفة لوضع النزاع الدامي على سكة الحل.
يأتي ذلك غداة مغادرة وفد سعودي صنعاء في ختام محادثات مع المتمردين الحوثيين بعد التوصل إلى تفاهم “مبدئي” حول العمل على إرساء هدنة في البلاد وعقد جولة أخرى من المحادثات، وفق ما أفاد مسؤولان حوثيان ومسؤول حكومي يمني وكالة فرانس برس اليوم الجمعة.
وبدأ النزاع اليمني في 2014، وسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق عدة في البلاد بينها العاصمة صنعاء.
في العام التالي، تدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري، في الحرب لدعم الحكومة، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات الآلاف من القتلى وتسبّب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وقالت مستشارة الإعلام لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر جيسيكا موسان لوكالة فرانس برس الجمعة “أقلعت أول طائرة من صنعاء” وعلى متنها أسرى من قوات الحكومة اليمنية باتجاه عدن (جنوب) حيث مقر الحكومة.
وأضافت “بعد وقت قصير أقلعت طائرة تقلّ أسرى من الحوثيين من مطار عدن.
وستقلع طائرة أخرى تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر من صنعاء الجمعة وطائرة أخرى من عدن.
ونقلت طائرة صنعاء 35 سجينا، وطائرة عدن 125. وسيبلغ عدد الأسرى الإجمالي الذين ستنقلهم الطائرات الأربع اليوم نحو 320.
وأفادت الحكومة اليمنية في وقت سابق بأنّه سيفرج الجمعة عن 72 من أسراها، بينهم وزير الدفاع الأسبق اللواء الركن محمود الصبيحي واللواء الركن ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي. وذكر مسؤول حوثي أن عملية الإفراج ستشمل 250 من أسرى “حركة أنصار الله”.
متعطش لرؤيته
عند مدخل مطار صنعاء، انتظر مئات من أقرباء الأسرى خبر وصول أفراد عائلاتهم، وقد جلس معظمهم على الأرصفة وفي ظل الأشجار.
وقال محمد الحجوري لوكالة فرانس برس “نحن هنا لنستقبل أسرانا اليوم. ابني أسير منذ 2018. منذ خمس سنوات وأنا مشتاق له، و قلبي متعطش لرؤيته”.
وكان الحوثيون والحكومة توصلوا خلال مفاوضات عقدت في برن الشهر الماضي إلى اتّفاق على تبادل أكثر من 880 أسيراً. و بموجب الاتفاق، يُفرج الحوثيون عن 181 أسيرًا، بينهم سعوديون وسودانيون، مقابل 706 معتقلين لدى القوات الحكومية.
وستجري عملية التبادل على مدار ثلاثة أيام، وتشمل صنعاء والمخا (غرب) ومأرب (وسط شمال) وعدن في اليمن، والرياض وأبها (جنوب) في السعودية.
وفي آخر عملية تبادل كبرى جرت في أكتوبر 2020، تمّ إطلاق سراح أكثر من 1050 أسيرا وإعادتهم إلى مناطقهم أو بلدانهم، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وكان رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين عبد القادر المرتضى أعلن السبت الماضي “وصول 13 أسيرا إلى مطار صنعاء الدولي مقابل أسير سعودي أفرج عنه في وقتٍ سابق”.
وتمّ التوصل الى اتفاق على التبادل بعد أيام على إعلان السعودية وإيران توصلهما الشهر الماضي إلى اتفاق على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية بعد سبع سنوات من القطيعة.
ورأى المحلّل السياسي اليمني هشام العميسي أن عملية التبادل “خطوة مهمة لبناء الثقة، الأمر الذي قد يعزّز عملية السلام ويمهّد الطريق نحو المصالحة”، مضيفًا “لكننا بحاجة إلى مواصلة هذه التبادلات، والأهم من ذلك، نحن بحاجة إلى مواصلة جهود خفض التصعيد”.
وقال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ في بيان “آمل أن تنعكس هذه الروح في الجهود الجارية للدفع بحل سياسي شامل”.
جولة جديدة
وقد أجرى وفد سعودي برئاسة السفير محمد آل جابر محادثات مع الحوثيين في صنعاء هذا الأسبوع.
وبحسب مصادر حكومية يمنية، وافق أعضاء مجلس الرئاسة اليمني مؤخّراً على تصوّر سعودي بشأن حلّ النزاع يقوم على هدنة لمدة ستة أشهر في مرحلة أولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة ثلاثة أشهر حول إدارة المرحلة الانتقالية التي ستستمرّ سنتين يتمّ خلالها التفاوض حول الحلّ النهائي بين كلّ الأطراف.
وكان طرفا النزاع قد توصّلا العام الماضي إلى هدنة في 2 أبريل بوساطة من الأمم المتحدة انتهت مفاعليها في أكتوبر.
وبحسب مسؤول حوثي، غادر الوفد السعودي صنعاء ليل الخميس، بعد أن تمّ التوصل الى اتفاق مبدئي على هدنة قد يتمّ الإعلان عنها لاحقا اذا تم التوافق حولها بشكل نهائي.
وأضاف أن “هناك اتفاقا على عقد جولة أخرى من المحادثات لبحث نقاط الاختلاف”.
من جهته، أكّد المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام في تغريدة أن “الوفود أنهت أعمال التفاوض في العاصمة صنعاء بعد نقاشات اتسمت بالجدية والإيجابية، وبتقدّم في بعض القضايا على أمل استكمال البحث في القضايا العالقة في وقت لاحق”.
وقُتل في النزاع مئات الآلاف من الأشخاص لأسباب مباشرة وغير مباشرة، فيما نزح 4,5 ملايين شخص داخليًا، وأصبح أكثر من ثلثي سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
وتظهر انعكاسات التقارب السعودي الإيراني في ملفات إقليمية أخرى، بينها الملف السوري الذي تدعم فيه طهران الحكومة السورية، بينما دعمت السعودية خلال سنوات النزاع المتواصل منذ 2011 المعارضة السورية.
و تستضيف السعودية الجمعة اجتماعًا لتبادل وجهات النظر بشأن عودة دمشق إلى الحاضنة العربية بعد أكثر من عقد على عزلتها إثر اندلاع النزاع فيها، ردا على قمع النظام للمحتجين ضده في بداية النزاع.