المصدر: Astro Awani
كانت المملكة الخليجية المتقدم الوحيد لاستضافة البطولة، بعدما أعلن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عدم دعمه للعرض الأسترالي.
في الأسبوع الماضي، منح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) رسميًا المملكة العربية السعودية حق تنظيم كأس العالم 2034.
ويرى مؤيدو القرار، ومن بينهم الصحافية الرياضية المعروفة تريسي هولمز، أن استضافة المملكة لكأس العالم تمثل فرصة فريدة لتعزيز التغيير الإيجابي. كما هنأ عدد من المشاهير واللاعبين الاتحاد السعودي لكرة القدم وولي العهد محمد بن سلمان.
ومع ذلك، أدانت جماعات حقوق الإنسان قرار الفيفا على نطاق واسع، وحذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من أن: “هناك يقين شبه مؤكد بأن بطولة كأس العالم 2034 ستكون ملطخة بانتهاكات حقوقية واسعة النطاق.”
تؤكد الفيفا قدرتها على تشجيع التحولات الإيجابية في مجال حقوق الإنسان بالدول المضيفة، وعملت منذ عام 2017 على ترسيخ حقوق الإنسان في مبادئها التوجيهية.
ففي عام 2017، اعتمدت اللجنة التنفيذية للفيفا “مبادئ روجي” التي أقرها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2011، وتنص هذه المبادئ على:
– واجب الدول حماية حقوق الإنسان.
– مسؤولية الشركات في مواءمة أنشطتها مع حقوق الإنسان.
– ضرورة توفير سبل انتصاف فعّالة لانتهاكات حقوق الإنسان.
وفي إطار هذه المبادئ، نشرت الفيفا سياستها الخاصة بحقوق الإنسان، وتعهدت بممارسة نفوذها لزيادة الحماية من التأثيرات السلبية لحقوق الإنسان الناشئة عن علاقاتها التجارية، والسعي لتعزيز حماية حقوق الإنسان عند الضرورة.
ورغم هذه الالتزامات، يبرز السؤال: هل توجد أدلة تدعم فكرة أن استضافة كأس العالم تساهم في تحسين أوضاع حقوق الإنسان؟
تشير المعطيات إلى عكس ذلك. فعادةً ما تفشل الأحداث الرياضية الكبرى في إحداث تغييرات دائمة، خاصة عند النظر إلى التكلفة البشرية المرتبطة بتنظيمها.
السبب وراء ذلك هو ضعف نفوذ الفيفا مقارنة بسلطة الحكام الاستبداديين مثل محمد بن سلمان في السعودية، تميم بن حمد آل ثاني في قطر، وفلاديمير بوتين في روسيا.
هؤلاء القادة ماهرون في استغلال الأحداث الكبرى – سواء الرياضية أو غيرها – لتعزيز أجنداتهم السياسية.
تجربة روسيا في استضافة كأس العالم 2018 توضح ذلك؛ حيث واجهت البطولة اتهامات تتعلق بالفساد خلال عملية الترشح، ومع ذلك لم يستطع الفيفا فرض أي تغيير يُذكر على الأجندة السياسية الروسية.
وفي كأس العالم 2022، تعهدت قطر بإصلاحات في حقوق العمال، لكن مئات العمال لقوا حتفهم أثناء التحضيرات، مع خطوات محدودة لتحسين أوضاع المرأة وحقوق الأقليات.
في يوليو الماضي، نشر الفيفا ملخصًا لاستراتيجيته في مجال حقوق الإنسان المرتبطة ببطولة كأس العالم 2034. وقد قيَّم التقرير مخاطر حقوق الإنسان بأنها “متوسطة”، لكنه أشار إلى وجود “إمكانات جيدة للمساهمة في تحقيق تأثير إيجابي على حقوق الإنسان”.
ورغم ذلك، حذر التقرير من مخاطر تتعلق بانتهاكات حقوق العمال، التمييز، وغياب حرية التعبير. كما لم تتضمن وثيقة الاتحاد السعودي أي التزامات بشأن حرية الصحافة أو حماية حقوق مجتمع الميم (LGBTQIA+)، حيث تجرّم القوانين السعودية المثلية الجنسية والهوية المتحولة.
تعتمد الطفرة في قطاع البناء في المملكة على نحو 13 مليون عامل مهاجر يعملون في ظروف صعبة. ومع الاستعداد لاستضافة البطولة، ستتطلب البنية التحتية إنشاء 11 ملعبًا جديدًا، وشبكات نقل، وما يقارب 200 ألف غرفة فندقية.
وقد كشف تحقيق لصحيفة “الجارديان” عن ارتفاع معدلات الوفيات بين العمال المهاجرين، خاصة من بنغلاديش؛ حيث توفي 1500 عامل في عام 2022 وحده.
في ظل هذه المعطيات، يُثار التساؤل: لماذا تصر الفيفا على اعتبار استضافة الدول ذات السجل الحقوقي السيئ فرصة لإحداث تغيير إيجابي؟
الإجابة تكمن في واقع أن عدد الدول المستعدة لتحمل تكلفة الاستضافة المتزايدة يتناقص. كانت أستراليا مستعدة لاستضافة البطولة، لكنها افتقرت إلى دعم الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
من الناحية العملية، يرى الفيفا أنه من المنطقي منح حقوق الاستضافة للدول القادرة على توليد الإيرادات من الشراكات والرعاية وعقود البث التلفزيوني المربحة.
وفي هذا السياق، كان عرض السعودية هو الخيار الأكثر جدوى اقتصاديًا، حتى لو أثار مخاوف كبيرة بشأن حقوق الإنسان.