المصدر: Sinar Harian
البلد: 🇲🇾 ماليزيا
الكاتب: محمد أحمد غروي – صحفي سعودي مقيم في ماليزيا
اليوم: الثلاثاء 14 يونيو
الرابط: https://newssamacenter.org/3xscypF
عرف الحجاج الماليزيين من منطقة جنوب شرق آسيا طريقهم إلى مكة منذ أكثر من ستة عقود ومنذ القرن الرابع عشر، وتم رصد ذلك خلال نقوش حجرية عثر عليها في ولاية تيرينجانو عام 1303م.
سجل الرحالة والمؤرخ البرتغالي توم بيريس أن السلطان علاء الدين رياض شاه، السلطان السابع في سلالة سلطنة ملايو ملاكا الذي حكم من 1477م إلى 1488م، ذهب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج بعد وفاة والده.
واستمر الحج من ماليزيا بعد ذلك كما وثق من قبل العديد من القادة والحكام والكتاب الماليزيين.
الأكثر شهرة هو ما وثقه لاكسامانا هانج توا الذي سجل تفاصيل رحلته في روايته حكايات هانغ توا والتي توجد الآن في متحف ولاية تيرينجانو.
كما وثق الكاتب الماليزي الشهير منشي عبد الله عبد القدير رحلته لأداء فريضة الحج عبر البحر في القرن التاسع عشر.
اليوم في عصر التقدم في المملكة العربية السعودية، أطلقت وزارة الداخلية مبادرة “الطريق إلى مكة” لرسم ذكريات الحج بطريقة أكثر حداثة.
كجزء من برنامج خدمة ضيوف الرحمن، تعد المبادرة واحدة من أهم البرامج في رؤية الحكومة 2030 وقد تم إطلاقها هذا العام في خمس دول هي ماليزيا وإندونيسيا والمغرب وباكستان وبنغلاديش.
إطلاق المبادرة في عام 2017 جاؤ لتسهيل سفر الحجاج عبر تبسيط إجراءات جوازات السفر والجمارك والمتطلبات الصحية وفرز الأمتعة في المطار الذي يغادرون منه وكأنهم يدخلون المملكة العربية السعودية عبر رحلة داخلية ويتم إحضار أمتعة الحجاج مباشرة إلى أماكن إقامتهم.
خلال أول عامين، أفادت المبادرة بشكل كبير الحجاج الماليزيين.
المبادرة تهدف إلى تطبيق نظام حج ذكي عبر مسار إلكتروني واحد يبدأ بإصدار التأشيرة ومراجعة جوازات السفر والإجراءات الجمركية في مطارات الدولة التي سيغادرون منها.
وبعد التأكد من اكتمال المتطلبات الصحية، يتبعها عملية ترميز وفرز الأمتعة وفق ترتيبات النقل والإقامة في الأراضي المقدسة.
عند وصول الحجاج، لم يعد عليهم المرور بإجراءات فحص الجوازات التي تم تنفيذها من قبل. يمكنهم التوجه مباشرة إلى الحافلة وسيتم إرسالهم إلى أماكن إقامتهم في مكة المكرمة أو المدينة المنورة بينما يتم نقل أمتعتهم مباشرة من قبل مزود الخدمة.
المبادرة التي نفذت لعامها الرابع عملت عليها المملكة العربية السعودية وماليزيا بناءً على التعاون بين وزارة الداخلية ووزارة الخارجية والصحة والحج والعمرة والهيئة العامة للطيران المدني والزكاة والضرائب والجمارك والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن وشركات السياحة.
والسؤال المهم هو لماذا كانت ماليزيا نقطة إنطلاق مبادرة الطريق إلى مكة ولماذا تستمر حتى يومنا هذا؟
أعتقد، بناءً على الإحصائيات والدراسات، أن حجاج ماليزيا هم الحجاج الأكثر تنظيماً مما يؤهلهم ليكونوا أول دولة تشارك في المبادرة.
أدت عملية التواصل والتعاون السهل بين السلطات الماليزية والحجاج مع المملكة العربية السعودية إلى نجاح المبادرة.
يمكن أن تسهم العلاقات بين الرياض وكوالالمبور في توثيق التعاون في جميع المجالات بما في ذلك الحج حيث تسعى الحكومتان إلى توحيد وجهات نظرهما من خلال تعاون بناء للغاية.
وخير دليل كان خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير فيصل فرحان والتي كانت أول زيارة لماليزيا بعد وباء كوفيد-19 ومن خلال لقاء ملك ماليزيا السلطان عبد الله دعاية الدين المصطفى بالله وعدة وزراء آخرين.
وأعرب جلالة الملك عن امتنانه لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد والحكومة السعودية على استمرارهم في دعم ماليزيا في مواجهة وباء كوفيد-19.
وهو مؤشر واضح على جدية البلدين في تطوير العلاقات في عدة مجالات وخاصة المجال الاقتصادي.
يمكن رؤية ذلك أيضا بعد اختيار ماليزيا لمدينة جدة كبوابة لتصدير زيت النخيل والمنتجات الزراعية إلى أوروبا وكذلك التعاون بين المشروع المشترك بين بتروناس وأرامكو في ولاية جوهور الماليزية.
يمكن لمثل هذا التعاون الوثيق أن يفيد كوالالمبور والرياض ويحقق الرخاء لشعبي البلدين الشقيقين.