المصدر: New Straits Times
البلد: 🇲🇾 ماليزيا
اليوم: الخميس 14 نوفمبر 2024
الكاتب: محمد فايز عبدالله – رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية في ماليزيا
الرابط: https://tinyurl.com/yj363a8c
يسلط كاتب المقال الضوء على قمة الرياض التي جمعت قادة العالم الإسلامي لمناقشة التحديات الملحّة، مع التركيز على دور ماليزيا في تعزيز وحدة المواقف بين الدول الإسلامية.
كما أشار المقال إلى وجود علامات مشجعة على تحسن العلاقات بين بعض دول الخليج وإيران، وتقارب بين مصر وتركيا، مما يعكس توجهاً جديداً نحو استقرار المنطقة.
نص المقال:
اجتمع قادة العالم الإسلامي، من دول منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، في وقت سابق من هذا الأسبوع في الرياض لحضور القمة العربية والإسلامية الطارئة.
*لم تقدم القمة فقط إدانة للعدوان الإسرائيلي، بل أظهرت بشكل أوسع عزمًا متجددًا في العالم الإسلامي للرد بشكل جماعي على التحديات الأكثر إلحاحًا اليوم.*
في الواقع، يبقى من المحير كيف يُسمح لإسرائيل بالتصرف دون رادع والتصرف كما لو أن المؤسسات والقواعد التي وُضعت بعد الحرب العالمية الثانية لا تنطبق عليها.
كيف يمكن أن يكون من المنطقي أن تظل إسرائيل منخرطة في الأمم المتحدة، حيث تتغلف الدول بغطاء القانون والشرعية والعدالة؟
ولهذا السبب، تضمن البيان الوطني الماليزي، الذي قدمه رئيس الوزراء داتوك سيري أنور إبراهيم بقوة وبإقناع وشغف في القمة، اقتراحًا بتعليق، بل حتى طرد إسرائيل من الأمم المتحدة.
لا حاجة هنا لمجاملات القانون الدولي تجاه قوة استعمارية استيطانية تتحدى باستمرار قوانين تلك الأنظمة، وهي كيان سياسي لم يعد جديرًا بالانتماء إلى المجتمع المتحضر من الدول، مع تعرّض قوات حفظ السلام الماليزية، إلى جانب أعضاء آخرين في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، للهجمات من قِبل القوات الإسرائيلية.
كما شكلت القمة علامة فارقة في العلاقات بين دول العالم الإسلامي، حيث ظهرت بوادر مشجعة وإن كانت حذرة لتحسن العلاقات بين بعض دول الخليج العربي وإيران، وتدفئة العلاقات بين مصر وتركيا.
ماليزيا ليست أقل أهمية، على الرغم من موقعها الجغرافي على الهامش، ويجب أن تستغل هذه الفرصة لدعم الاستقرار السياسي المتزايد في الشرق الأوسط.
هذا يأتي استكمالاً للزخم الدبلوماسي الذي أطلقه أنور منذ توليه منصب رئيس الوزراء، حيث تُرى ماليزيا الآن كصوت رئيسي بين دول الجنوب العالمي.
وقد تم إطلاق مبادرات ذات صلة، حيث تستعد ماليزيا، بصفتها رئيسة الآسيان لعام 2025، لممارسة دورها في عقد قمة تجمع بين الآسيان ومجلس التعاون الخليجي والصين.
وتهدف هذه القمة إلى تنويع خيارات التجارة والاستثمار بين الأطراف الثلاثة، واستكشاف مجالات نمو جديدة، وتعزيز التبادل الفكري والاجتماعي كحصن ضد التطرف والإرهاب وانتشار الفوبيا.
*ومن المشجع أن رئيس الوزراء السعودي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لم يلتزم فقط بحضور هذه القمة الثلاثية العام المقبل، بل أبدى توقعات بتحقيق تقدم ملموس في التعاون الاقتصادي الإقليمي قبل الحدث الرئيسي.*
بعبارة أخرى، بدء التنفيذ الفوري وتحقيق نتائج ملموسة قبل القمة.
هذا العزم على “إنجاز الأمور” يعتبر تغييرًا منعشًا وسيساهم بشكل كبير في معالجة الانتقادات التي تواجهها الآسيان بوصفها مجرد منتدى حواري.
وفي وقت سابق، التقى أنور أيضًا بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لاستكشاف شراكات تمتد إلى مجالات الاستثمار والتجارة، مثل زيت النخيل وصناعة الحلال، والموارد الطبيعية والطاقة المتجددة.
وبحلول العام الماضي، كانت مصر خامس أكبر شريك تجاري لماليزيا بين الدول الأفريقية، حيث بلغت قيمة التجارة الثنائية 3.35 مليار رنجيت.
التزام البلدين بتعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة يتماشى أيضًا على الصعيد الدبلوماسي، حيث تدعم القاهرة مشاركة كوالالمبور في مجموعة البريكس.
ومع ذلك، في حين تبقى الدبلوماسية أولوية، يجب بذل المزيد من الجهود لتمكين العالم الإسلامي من مواكبة التغيرات العالمية.
في أروقة جامعة الأزهر العريقة في القاهرة، ألقى أنور محاضرة بصفته أستاذًا أكاديميًا، تحدث فيها عن ضرورة الاستجابة لهذه التحولات السريعة، والتي تتطلب التزامًا ليس فقط بالمعرفة والتقدم، بل أيضًا بتعاليم الدين والقيم المرتبطة بها.
مع وجود الإيمان والقيم كمرشد أخلاقي يوجّه أفعالنا، يمكننا أن نبني قراراتنا على أهداف أسمى وأكثر نبلاً، ونضمن عدم التضحية بالمسؤولية الأخلاقية من أجل المكاسب الشخصية أو الاقتصادية.
فبما أن الوقت لن يغير الأشياء لنا، يجب علينا أن نستغل الوقت لتغيير أنفسنا.
وللمرة الأولى منذ فترة طويلة، قد يبدو أن العالم الإسلامي قادر على توفير صوت جماعي ثابت من أجل العدالة والتقدم.