المصدر: Bernama
الرابط: https://tinyurl.com/4jmmmw3d
تعد “آطام النيران” أو ما تعرف في المملكة بالحرات، مؤشرًا مهمًا للعمق التاريخي الذي تتمتع به المملكة في تضاريسها الجغرافية والبيولوجية، لتعكس مدى التطور الحضاري للأمم المتعاقبة التي عاشت في ربوعها.
وكذلك تفسر في ملامحها الحياة السابقة وسلوك مواطنيها وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم التي صُممت من عمق أرضهم، ما يجعل هذه الحرات بمثابة وثائق أثرية طبيعية تكشف الماضي وتتعايش مع الحاضر، حسبما ذكرته وكالة الأنباء السعودية (واس).
وأضحت الحرات السوداء في مناطق المملكة وخصوصًا شمال الطائف “حفر كشب” تربة ” والخرمة” المويه” منشآت حجرية بركانية لامست طبيعتها تدخل عوامل الفصول الأربعة في جوف معالمها، حتى أصبحت متاحف باثقة من الواحات الطبيعية.
تسلط مناظرها الضوء على أعين الأجيال الحاضرة وقراءة تاريخ الأمم الغابرة التي استوطنت الجزيرة العربية، في حرات أرضها الغنية الوادعة في قلب الأرض السوداء، والأماكن الحاضرة بأحداثها وقصصها، وتفرد جغرافية أرضها سواءً في باطن كهوفها أو خارج تلالها.
وكذلك جبالها وهضابها، وأوديتها وسهولها التي جمعت التاريخ والحضارة والتراث والآثار، لتتشرّب من عبق الماضي الذي تحدث عنه العالم والمؤرخ والمثقف والقاص والراوي، التي نسجت حولها الأساطير وقصص العشق.
وأكد لـ”واس” أستاذ التاريخ والآثار الدكتور حماد الرويلي أن تاريخ البراكين في المملكة يعود إلى نحو 30 مليون سنة، حيث تشكلت على مرحلتين: الأولى كانت بالتزامن مع تدفق الحمم البازلتية وانفتاح البحر الأحمر.
والثانية مع بداية النشاط البركاني في شبه الجزيرة العربية قبل عشرة ملايين سنة، ومن أبرز مواقع البراكين الموجودة هي: حفر كشب، وبركان الملساء في أطراف حرّة رهاط الشمالية والجنوبية، جنوب شرق المدينة المنورة، وفي منطقة مكة المكرمة، والحدود الشمالية، وعسير، وحائل، والباحة، وتبوك، والجوف ، وصولًا إلى منطقة جازان.
وتعد حرة رهاط أكبر براكين من حيث المساحة، تليها حرَّة خيبر، وحرة الحرَّة، وحرة نواصف، وصولًا إلى حرة حفر كشب التي تضم فوهة الوعبة المعروفة باسم “مقلع طمية”، وهي أعمق الفوهات البركانية في المملكة، إذ يصل قطرها إلى 2 كلم.
يزيد عمقها على 220م، وهي الآن مزار سياحي يقصده السائح العالمي والإقليمي والمحلي، حيث تعرف البراكين في اللغة العربية بأسماء عدة، منها: “آطام النيران”، وفي مجتمع المملكة تسمى باسم الحرّات، والحرة: “أرض ذات حجارة سود كأنها أحرقت بالنار”.
وسُميت بهذا الاسم لشدة حرارة صخورها، مضيفًا أن البراكين تصنف إلى أنواع عدة، منها: القباب البركانية، وبراكين الأسكوريا، والبراكين الدرعية، والفوهات البركانية.
وأوضح أن حفر كشب نسب اسمها إلى جبل كشب الذي يقع في جزئها الشمالي الشرقي من محافظة الطائف الذي يبعد عن المحافظة قرابة 260 كيلاً، وهو جبل أسود يراه المار على طريق الرياض على يمينه بعد المويه وغالبية المنطقة حرة سوداء متناثرة الأحجار يتخللها مناطق ترابية تعرف باسم القيعان.
وكذلك ما تضمه من مناطق أخرى كدغيجة والخوارة والحفر والمشوبة وقيا ومران والمويه وغيرها من المواقع، مشيرًا إلى أن شرقي حفر كشب تنقاد إلى الحرة الخشنة التي يتعذر المسير فيها إلا بمشقة.
ووثقت عدسة “واس” في محاولة جادة خلال جولتها الميدانية الكشف عن أهم المعالم في عصر الأزمنة للأمم السابقة التي استوطنت حفر كشب “الحرات الصماء” التي تتزين أسفلها الأودية ومجاري المياه، لتكون منبع النباتات العطرية والطبية، ذات الندرة العالمية، مما يعطيها نموذجًا أخاذًا تحمله أرضها التاريخية لما تحتوي من مناطق متعددة ومتصلة ببعضها البعض لا يفصل بينها عوازل في تكوين جغرافي ب.ع، استطاعت من خلالها أن تصمم بطبيعتها مخرجات نوعية ومتخلفة، حازت فيها عوامل محيطها على عمق تاريخي وأثري تصدرت فيه حرة حفر كشب، حتى أصبحت ركيزة أساسية لأهم الروافد في دعم مسيرة السياحة وخطوات التنمية.