المصدر: The Sun Daily
استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في باريس، في مسعى لدفع الحاكم الفعلي للمملكة إلى تقديم دعم أكبر لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي والعمل على حلّ لأزمة الرئاسة في لبنان.
وبدأت المباحثات على مأدبة غداء وستركّز على العلاقات الثنائية وكذلك على “تحديات الاستقرار الإقليمي”، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية. وسيتطرّق الرجلان إلى “المسائل الدولية الكبرى، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على سائر دول العالم”.
وتنأى السعودية بنفسها الى حدّ ما في الملف الأوكراني، وقد دعت إلى إنهاء الحرب.
وحضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الشهر الماضي جانبا من قمة جامعة الدول العربية التي استضافتها المملكة في مدينة جدّة، في أول زيارة له إلى الشرق الأوسط منذ بدء الغزو الروسي لبلاده. حينها، وضع ماكرون طائرة حكومية فرنسية بخدمة زيلينكسي أقلّته إلى جدّة ثمّ إلى اليابان للمشاركة في قمة مجموعة السبع.
وكانت الرياض صوّتت لصالح قرارات مجلس الأمن المندّدة بالغزو الروسي وضمّ موسكو مناطق في شرق أوكرانيا، لكنّها في الوقت نفسه واصلت التنسيق بشكل وثيق مع روسيا حول السياسات النفطية. وتوسّطت في عملية تبادل للأسرى بين كييف وموسكو.
ويسعى ماكرون علنا إلى إقناع دول غير منحازة على غرار الصين والهند وكذلك السعودية، بالضغط على موسكو لإنهاء حربها على أوكرانيا.
ورأى الرئيس الفرنسي أن زيارة زيلينسكي لجدّة سمحت “بالحصول على دعم واضح جدًا من السعودية وقوى كبرى أخرى في المنطقة”.
على خط مواز، أجرى رئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان المقرب من بن سلمان، محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش منتدى اقتصادي في سانت بطرسبرغ.
النفوذ السعودي في لبنان
وخلال وجوده في فرنسا، يشارك ابن سلمان في القمة “من أجل ميثاق مالي عالمي جديد” التي ينظّمها ماكرون في باريس في 22 و23 يونيو.
كما يشارك الاثنين المقبل في حفل استقبال رسمي تنظمه المملكة بمناسبة ترشّح الرياض رسميًا لاستضافة إكسبو 2030، وهي مسألة ترغب الرياض في الحصول على دعم فرنسي فيها.
ويملك ولي العهد دارة فخمة قرب فرساي في المنطقة الباريسية صمّمها أحد أقرباء خاشقجي على طراز القصور الفرنسية الملكية.
ويناقش الرئيس الفرنسي مع ضيفه التحضيرات لهذه القمة الهادفة إلى “جمع التمويل الخاص والعام وتركيزه حيث تشتد حاجة العالم والناس إليه لمحاربة الفقر وقيادة التحوّل المناخي الضروري وحماية التنوع البيولوجي”، حسب ما أوضح الجانب الفرنسي.
على صعيد آخر، يُتوقّع أن يطلب الرئيس الفرنسي من ولي العهد أن يستخدم نفوذ السعودية في لبنان لكسر الجمود السياسي الذي أدّى إلى فشل البرلمان مرارًا في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كان آخرها الأربعاء، وسط انقسام سياسي يزداد حدّة بين حزب الله وخصومه وينذر بإطالة الشغور الرئاسي، على وقع انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
وعيّن الرئيس الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان “مبعوثًا خاصًا إلى لبنان لمحاولة المساعدة في التوصل إلى مخرج من المأزق السياسي. ويُتوقع أن يزور السياسي المخضرم بيروت قريبًا.
ويشير الباحث ديني بوشار، المستشار لشؤون الشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إلى أن الرياض قد “تلعب دورًا للتخفيف من حدّة موقف حزب الله وذلك من خلال إيران للتوصل إلى حلّ وسطي” بشأن الرئاسة في لبنان.
ويضيف “المسألة هي معرفة ما إذا كانت مصالحة السعودية وإيران يمكن أن تساهم في تهدئة الساحة السياسية في لبنان”.
وأعلنت السعودية وإيران في مارس الماضي استئناف علاقاتهما الدبلوماسية في اتفاق مفاجئ أُبرم برعاية الصين، ما أثار آمالا بحلحلة ملفات إقليمية عدة.
وأثارت الزيارة السابقة لولي العهد إلى باريس انتقادات كثيرة في فرنسا من جانب منظمات حقوقية و معارضين يساريين اتهموا ماكرون بالتضحية بحقوق الإنسان لصالح “البراغماتية” إزاء ارتفاع أسعار الطاقة.
وكان تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية خلُص إلى أنّ ولي العهد “أجاز” عملية قتل خاشقجي، لكنّ الرياض تنفي ذلك.
ورغم الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي نفّذها الأمير محمد بن سلمان في بلاده، يتعرّض لانتقادات بسبب حملة قمع للنشطاء والمعارضين، حتى من قلب العائلة الحاكمة.