المصدر: the Star الرابط: https://www.thestar.com.my/business/business-news/2022/11/14/saudi-arabia-has-green-vision-at-cop27-critics-unmoved
تعرض السعودية رؤيتها لمستقبل صديق للبيئة خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ “كوب27″ في مصر، وتتضمن الرؤية سيارات تعمل بالهيدروجين، ومركبات تلتقط ملوثات أنابيب العادم، و”فأرة” حاسب مصنوعة من نفايات المحيط البلاستيكية المعاد تدويرها، وزراعة مئات الملايين من الأشجار في الصحراء.
لكن الأمر الذي لم يلقِ عليه هذا جناح السعودية الضوء هو الوقود الأحفوري الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض والذي تواصل السعودية ضخه للأسواق العالمية، بحسب تقرير أسوشيتد برس .
وكانت انبعاثات الوقود الأحفوري السبب الرئيس في مشاركة مندوبين من نحو 200 دولة في المؤتمر السنوي الذي يستمر أسبوعين، للتفاوض حول كيفية الحد من التلوث ومدى سرعة القيام بذلك.
قدمت السعودية نفسها خلال المؤتمر كدولة رائدة في مجال الطاقة الخضراء والممارسات الصديقة للبيئة، بأجنحة براقة وعروض أخاذة وتقييمات متفائلة لتقنيات مثل التقاط الكربون القادرة على إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء، لكنها مكلفة وقد تستغرق سنوات لنشرها على نطاق واسع.
وقال المبعوث السعودي لشؤون المناخ عادل الجبير في منتدى “مبادرة السعودية الخضراء” الذي يستمر يومين على هامش مؤتمر “كوب27″، “لدينا أهداف وغايات طموحة للغاية. نريد أن نكون قدوة للعالم في ما يتعلق بما يمكن القيام به”.
ويُعدّ هذا الجهد جانبا من جهود السعودية، التي تمتلك أحد أضخم الاحتياطيات النفطية في العالم والعضو الأساسي في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، لإثبات رغبة المملكة في التحول إلى الطاقة المتجددة، مع الاحتفاظ بدورها كأكبر مصدر عالمي للنفط الخام.
لكن هذه الرؤية تلقى معارضة قوية من علماء المناخ وخبراء البيئة، الذين يؤكدون أن السعودية والدول الأخرى التي تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط تسعى إلى تشتيت انتباه العالم لمواصلة عملها.
وأعلن وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، عن مجموعة من المشاريع الجديدة الصديقة للبيئة أو تطوير المشروعات القائمة، بدءا من التعهدات بزراعة الأشجار إلى مشاريع الطاقة الشمسية الجديدة.
وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قد أطلق مبادرته “السعودية الخضراء” في مؤتمر “كوب26” العام الماضي في غلاسكو بإسكتلندا، بهدف الوصول إلى صفر انبعاثات لغازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2060، والتي قام بتغييرها إلى عام 2050 في بداية اجتماع هذا العام.
لكن صادرات الطاقة تشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد السعودي، التي تحقق 150 مليار دولار من الإيرادات السنوية، رغم من الجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل مع تسارع التحول العالمي بعيدا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وفي الجناح السعودي من كوب27، عقد مسؤولون ومتحدثون مدعوون من شركات الطاقة المتجددة موضوعات مثل الهيدروجين النظيف، وتخضير الصحراء، ومشروع مدينة صحراوية مستقبلية يطلق عليها اسم “نيوم”.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “أرامكو” السعودية العملاقة للنفط المملوك للدولة، أمين الناصر، إن العالم بحاجة إلى مزيد من الاستثمار في النفط والغاز، وليس أقل، وهي رسالة تتعارض مع المشاعر السائدة بين العديد من وفود الدول وخبراء المناخ والنشطاء الحاضرين في فعاليات “كوب27”.
وقال الناصر متحدثا عن موضوعات متكررة، “أنا قلق بسبب نقص الاستثمار في النفط والغاز على وجه الخصوص”.
وقاومت السعودية دعوات إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بشكل عاجل، محذرة من أن التحول المبكر قد يؤدى إلى ارتفاع الأسعار ونقص المحروقات.
وإلى هذا، قال الناصر “نعم، هناك استثمارات جيدة تحدث في البدائل” مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مضيفا أن حجم الأموال التي تنفق على الطاقة الإنتاجية للنفط انخفض إلى 400 مليار دولار سنويا من 700 مليار دولار في عام 2014.
وأضاف “هذا لا يكفي لتلبية الطلب العالمي على الأمدين المتوسط والطويل”.
وقال متحدث باسم “أرامكو” إن الناصر ليس متاحا لإجراء مقابلة.
ومن بين الإعلانات السعودية، كانت هناك خطط لإنشاء مركز إقليمي “لتعزيز خفض الانبعاثات” وآخر لاستضافة أسبوع المناخ الإقليمي قبل اجتماع “كوب 28” العام المقبل.
وهناك أيضا خطة لإقامة 13 مشروعا للطاقة المتجددة بسعة توليد إجمالية تبلغ 11,4 غيغاوات، رغم أن الخبراء قالوا إن هذا يعد خطوة إلى الوراء عن الأرقام التي أُعلن عنها في السنوات السابقة.
وبمجرد أن تُشغّل، ستعمل مشروعات الطاقة الجديدة على خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بنحو 20 مليون طن سنويا.
وتخطط “أرامكو” السعودية لبناء أكبر مركز لاحتجاز الكربون وتخزينه في العالم، والذي سيخزن ما يصل إلى 9 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون عندما يتم تشغيله خلال عام 2027.
وكل هذا جزء من تعهد المملكة بخفض الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول عام 2030.
ولا يزال هذا القدر صغيرا مقارنة بنحو 10 مليارات طن متري من الكربون المنبعث عالميا في الهواء سنويا.
كما رفعت السعودية هدفها في زراعة الأشجار إلى 600 مليون شجرة بحلول عام 2030، بما في ذلك أشجار المانغروف، في زيادة مقارنة مع هدفها الأولي البالغ 450 مليون شجرة.
بيد أن خبراء المناخ غير مقتنعين.
وفي السياق، قالت خبيرة سياسة الطاقة المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد المناخ الجديد ميا مويسيو “ستكون السعودية في وضع أفضل حال التركيز على خفض الانبعاثات بدلا من الاعتماد على احتجاز الكربون وتخزينه والتخفيضات المشكوك فيها من قبيل زراعة الأشجار، والتي من شأنها أن تسمح لها ببساطة بمواصلة زيادة الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري”.
وأضافت “للحفاظ على الانبعاثات على مسار 1,5 درجة مئوية، يجب على جميع الحكومات التركيز على خفض انبعاثات الوقود الأحفوري، وليس تعويضها”.
ويصنف برنامج تعقب العمل المناخي، الذي يديره المعهد وشركاؤه، ملف السعودية بأنه “غير كاف للغاية”.
ويحلل البرنامج أهداف وسياسات المناخ للدول مقارنة بأهداف اتفاقية باريس لعام 2015 التي تنص بشكل مثالي على الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1,5 درجة مئوية (2,7 فهرنهايت).
تروج السلطات السعودية لما تسميه “الاقتصاد الكربوني الدائري” لخفض الانبعاثات من عمليات النفط والغاز، لكن البرنامج يقول إن هذا “يعالج جزءا بسيطا من الانبعاثات ذات الصلة في السعودية وعلى مستوى العالم فحسب، حيث إن معظم الانبعاثات تتعلق بالنفط والغاز تأتي من احتراق الوقود عوضا عن الاستخراج والمعالجة”.
وتطلق أصول النفط والغاز في السعودية 900 مليون طن من الانبعاثات سنويا، وفقا لقائمة جرد لأهم المصادر المعروفة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي أعدها تحالف “كلايمت تريس” وتم إطلاقها في “كوب 27”.
وهناك أيضا خطة لائتمان وتعويض غازات الاحتباس الحراري في العام المقبل، مع القليل من التفاصيل. وأصبحت ائتمانات الكربون، التي تسمح للدول والشركات بالسداد لتقليل بصماتها الكربونية، على سبيل المثال من خلال زراعة الأشجار، مثيرة للجدل بشكل متزايد، إذ يقول منتقدون إنها بمثابة ترخيص للشركات الملوثة للإبقاء على التلوث.
وواجهت السعودية، خلال محادثات العام على الأقل في غلاسكو، اتهامات بأن مفاوضيها يعملون على عرقلة الإجراءات المناخية التي قد تهدد الطلب على النفط، وهو اتهام وصفه وزير الطاقة بالمملكة بأنه كذبة.
ومع اقتراب المفاوضات بشأن الاتفاقية النهائية في الأسبوع الثاني والأخير من “كوب 27″، حذرت مجموعات المراقبة من تأثير ما يسمى بقطاع النفط وجماعات الضغط في الصناعة. وأحصوا 636 شخصا مرتبطين بشركات الوقود الأحفوري في القائمة المؤقتة للمشاركين في الاجتماع، ما يزيد بمقدار الربع على حصيلة العام الماضي.
وإلى هذا، قالت أليس هاريسون، الناشطة في منظمة “غلوبال ويتنس” – إحدى المجموعات التي قامت بالحصر، “ربما يأتي السعوديون إلى كوب27 بقبعة خضراء ويمجدون فضائل زراعة الأشجار، ولكن هذه حالة تستمر في الاستفادة بشكل كبير من الممارسات المدمرة التي تسببت في أزمة المناخ …أي معارض أو محادثات أو عروض عكس ذلك هي مجرد غسيل أخضر”.