المصدر: the Sun Daily الرابط: https://www.thesundaily.my/home/us-alarmed-as-saudi-lawsuits-threaten-to-expose-secrets-BC8051663
قد تؤدي دعويان قضائيتان في الولايات المتحدة وكندا تضعان بحكم الأمر الواقع ولي العهد السعودي بمواجهة مسؤول استخباراتي سعودي بارز سابق، إلى كشف أسرار حكومية أميركية شديدة الحساسية، ما قد يدفع واشنطن إلى تدخل قضائي نادر الحدوث، على ما أظهرت وثائق اطلعت عليها وكالة فرانس برس.
وتتمحور القضيتان في المحاكم الأميركية والكندية على مزاعم فساد ترفعها شركات مملوكة للدولة في السعودية بحق سعد الجابري، المسؤول الاستخباراتي السعودي الكبير الذي عمل عن قرب ولمدة طويلة مع مسؤولين أميركيين في عمليات سرية لمكافحة الإرهاب.
وكان الجابري مسؤولا في ظل تولي ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف السلطة، وبن نايف محتجز في السعودية بعدما أعفي من مهامه ليحلّ محله ابن عمه الأمير محمد بن سلمان في العام 2017.
وتسلّط هذه التطورات القضائية الضوء على التنافس في المستويات العليا من العائلة المالكة السعودية. في المقابل، تخشى واشنطن أن تؤدي المواجهة في قاعات المحاكم إلى كشف معلومات حساسة تتعلق بعملياتها السرية.
وتحدثت دعوى نادرة تقدمت بها وزارة العدل الأميركية في محكمة ماساتشوستس في أبريل إلى نية الجابري “وصف المعلومات المتعلقة بأنشطة الأمن القومي المزعومة”.
وجاء في الدعوى “تدرس الحكومة (الأميركية) ما إذا كانت ستشارك في هذا الإجراء وكيف يمكنها فعل ذلك، بما في ذلك إذا كان ذلك ضروريا وقابلا للتطبيق، من خلال تأكيد الامتيازات الحكومية ذات الصلة”، دون مزيد من التفاصيل.
وفي دعوى ثانية بعد شهر، طلبت وزارة العدل من المحكمة مزيدًا من الوقت لأن مسائل الأمن القومي تتطلب “تقييما +حساسا+ و+معقدا+ من كبار المسؤولين”. وجاء في الدعوى أن الحكومة مستعدة “لتقديم مزيد من المعلومات” للمحكمة سرا.
وقال خبراء قانونيون إن واشنطن يمكن أن تتذرع بـ “امتياز أسرار الدولة” الذي سيسمح لها بمعارضة أمر من المحكمة للكشف عن معلومات تعتبر ضارة بالأمن القومي للولايات المتحدة.
وامتنعت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عن التعليق ردا على أسئلة لوكالة فرانس برس.
كما لم ترد وزارة العدل التي يقول خبراء إنها نادرا ما تتدخل في دعاوى مدنية، على طلب مماثل للتعليق.
ثأر
والعام الماضي، زعم الجابري في دعوى منفصلة أن الأمير محمد بن سلمان أرسل فريق اغتيالات لقتله في كندا حيث يعيش راهنا في المنفى، فيما اثنان من أبنائه معتقلان في السعودية للضغط عليه للعودة إلى البلاد.
وأخذ الخلاف منعطفا جديدا في آذار/مارس الماضي حين اتهمت شركة “سكب” السعودية القابضة الجابري باختلاس 3,47 مليار دولار أثناء عمله في وزارة الداخلية تحت قيادة الأمير محمد بن نايف.
وطالبت “سكب” محكمة في ماساتشوستس بتجميد أصوله العقارية التي تبلغ قيمتها 29 مليون دولار في مدينة بوسطن.
وجاء ذلك بعد أسابيع من مقاضاة شركات سعودية حكومية عدة الجابري في تورنتو على خلفية اتهامات مماثلة.
وأعلنت محكمة كندية في وقت لاحق تجميد أصول الجابري حول العالم.
وفيما ينفي الفريق القانوني للجابري أن يكون هذا الأخير ارتكب أي مخالفات مالية، يؤكد أنه في الواقع يدفع ثمن التنافس بين محمد بن سلمان ومحمد بن نايف الذي لم يشاهد علنًا منذ ظهور تقارير عن توقيفه في مارس 2020.
وكانت شركة “سكب” التي تديرها الدولة والتي أسسها، وفق وثائق المحكمة، محمد بن نايف في عام 2008، جزءًا من شبكة شركات توفر غطاء لعمليات الأمن السرية مع الولايات المتحدة.
وجاء في الدعوى التي تقدم بها الجابري أن المحكمة ستحتاج من أجل إثبات براءته، إلى التحقيق في الشؤون المالية لشركة “سكب”، بما في ذلك كيفية استخدامها في “تمويل البرامج الحساسة” بالشراكة مع وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي ووزارة الدفاع في الولايات المتحدة.
وقال مصدر مقرب من مسؤول الاستخبارات السعوديّ السابق لوكالة فرانس برس “الدكتور سعد لن يكشف أبدا عن مشاريع مكافحة الإرهاب السرية التي أنقذت آلاف الأرواح، بمن فيهم أميركيون”.
وتابع “لسوء الحظ، فإن ثأر محمد بن سلمان الأعمى ضد الدكتور سعد وضعه في موقف مجبر فيه على القيام بذلك من أجل الدفاع عن نفسه في المحكمة”.
تهدد أرواح
وفيما تدرس وزارة العدل اتخاذ إجراءات لمنع أي كشف عن أسرار الدولة في ماساتشوستس، لا يزال غير واضح كيف يمكنها فعل ذلك في أونتاريو الكندية حيث لا سلطة لها.
وأوضح المصدر المقرب من الجابري أنّ أي كشف عن المعلومات قد يهدد “من شاركوا في عمليات (لمكافحة الإرهاب) وتكشف مصادر ووسائل وتعيق… عمليات مماثلة في المستقبل”.
ورفض محام أميركي يمثل محمد بن سلمان التعليق على الدعوى.
لكن مصدرا مقربا من القيادة السعودية كرر الحديث عن مزاعم فساد بمليارات الدولارات في حق الجابري الذي اتهمه بـ “تسميم العلاقات السعودية الأميركية”.
وأعرب مسؤولون أميركيون عملوا مع الجابري عن دعمهم له، وأقرّ البعض بأنه كان مطلعا على معلومات حساسة.
وكتب المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية فيليب مود في إفادة خطية أمام محكمة أميركية “عمل سعد بشكل مباشر على الأقل مع وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة الأمن الداخلي والبيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الخزانة”.
وتابع “عندما كانت لدى الولايات المتحدة معلومات استخباراتية أو تكتيكية، كنا نعطيها لسعد”.
وقالت وزارة العدل في دعواها في نيسان/أبريل إنها تتوقع التواصل مع الجانبين لفهم موقفيهما، ما يشير إلى أنها حريصة على تسوية خارج المحكمة.
ويقول المدير السابق لقسم الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية دانيال هوفمان لفرانس برس “الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لي هو أن محمد بن سلمان يحتجز ابني سعد، وبالتالي يبتزه”.
ويتابع “هذا يتنافى مع القيم الإنسانية للولايات المتحدة تماما”.